صرح معالي محافظ سلطة النقد أن جهود سلطة النقد الفلسطينية الحثيثة قد حققت النتائج المرجوة من حيث تعزيز متانة واستقرار الجهاز المصرفي واستقراره المالي. وقد تمكنت سلطة النقد بفضل التزامها بالقوانين والمعايير والممارسات الرقابية الدولية واستثمارها في تطوير كادر كفؤ ومؤهل وتعاونها مع كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة بعملها من تحقيق أهدافها، مما أكسبها مكانة ومصداقية على المستويين الإقليمي والدولي كما هو الحال على المستوى المحلي.
ورغم الأزمة المالية الراهنة التي يمر بها الاقتصاد الفلسطيني، استطاع الجهاز المصرفي الفلسطيني أن يحافظ على قوته ومتانته واستقراره المالي وتطور أعماله، وقدرته على مواجهة الصدمات، وحالت إجراءات سلطة النقد الحصيفة دون تأثيرات سلبية على استقرار الجهاز المصرفي، ووازنت سلطة النقد بشكل دقيق في سبيل تحقيق ذلك بين مصالح جميع الأطراف، بل ومضت قدماً في تحقيق وإنجاز مهامها وأهدافها كواحدة من أفضل البنوك المركزية المتطورة.
فعلى صعيد جهودها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فقد قادت سلطة النقد من خلال وحدة المتابعة المالية الجهود الوطنية في التقييم الوطني لمخاطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك تمهيداً لتقييم فلسطين من قبل مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام 2020 مما نتج عنه اعتماد مجلس الوزراء الفلسطيني للاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي إطار مواكبة التطورات في قطاع التكنولوجيا المالية، وتوفير بنية تحتية تكنولوجية متطورة وآمنة لكافة الشرائح التي تمارس أعمال التقنيات المالية، بدأت سلطة النقد بترخيص شركات خدمات المدفوعات الإلكترونية، وذلك بهدف تطوير وسائل الدفع بالتجزئة وتوسيع نطاق استخدامها من خلال تطوير البنية التحتية لأنظمة وأدوات الدفع الإلكترونية في فلسطين بشكل آمن وشفاف وفعال.
وعلى صعيد نمو القطاع المصرفي وتطور أعماله، تشير البيانات لدى سلطة النقد إلى أن ودائع العملاء لدى المصارف العاملة في فلسطين قد بلغت في شهر تموز 2019 ما يقارب 12.6 مليار دولار مقابل 12.3 مليار دولار قبيل الأزمة المالية الراهنة التي تعاني منها السلطة الوطنية الفلسطينية بسبب إجراءات الاحتلال (شهر شباط 2019) بنسبة نمو 2.6%، كما تشير البيانات إلى ارتفاع إجمالي التسهيلات لتصل إلى 9.2 مليار دولار مقابل 8.5 مليار دولار في نفس الفترة، بنسبة نمو بلغت 8%.
وانسجاماً مع المتطلبات الدولية، فقد قامت سلطة النقد بإصدار تعليمات تفصيلية لضمان التزام المصارف بالمعايير الدولية لا سيما المعيار الدولي رقم 9 لإعداد التقارير المالية والمتعلّق بالأدوات المالية والمخصصات المالية، ويقدّم المعيار متطلبات جديدة للتصنيف والقياس والاضمحلال ومحاسبة التحوّط ويلزم المصارف بالتحوط وتكوين المخصصات اللازمة مقابل الديون بناء على التوقعات بحدوث تعثّر أو تأخير في السداد.
كما أصدرت سلطة النقد تعليمات تتعلق بتطبيق المصارف متطلبات بازل III التي ستصبح سارية المفعول اعتباراً من الربع الأول من العام القادم 2020، وبذلك تكون المصارف العاملة في فلسطين قد التزمت بتطبيق أفضل المعايير الدولية في مجال تعزيز وتحسين المراكز المالية لمواجهة الضغوط الاقتصادية والمالية المحتملة وتحسين مستويات ونوعية رأس المال وإدارة المخاطر ومتطلبات إدارة السيولة إضافة إلى زيادة الشفافية، مما سيكون له أثر إيجابي في المحافظة على الاستقرار المالي والنمو على المدى الطويل.
وفي إطار تحقيق وتعزيز الشمول المالي في فلسطين وفقاً للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، والتي تهدف إلى رفع نسبة الأشخاص الحاصلين على خدمات مالية مناسبة في فلسطين من %36، إلى %50 بالحد الأدنى خلال السنوات القليلة المقبلة، بغرض تحقيق الرفاه الاجتماعي وتحسين الظروف المعيشية للأفراد وتعزيز النمو الاقتصادي فقد بدأت اللجان بالعمل على تطبيق الخطة الاستراتيجية بمشاركة العديد من المؤسسات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص.
كما تسعى سلطة النقد خلال الفترة المقبلة إلى إطلاق استراتيجية قطاع الإقراض المتخصص التي عملت على إنجازها بالشراكة مع البنك الدولي، والتي تهدف الى تطوير خدمات الإقراض خلال السنوات 2019 ولغاية 2023 وتنويعها للمساهمة في رفع نسب المستفيدين من هذه الخدمات. ويأتي إطلاق هذه الاستراتيجية بالتزامن مع الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي بهدف تطوير قطاع الإقراض المتخصص وتحسين الأطر المؤسسية وممارسات الحوكمة فيه وذلك بهدف تمكينه من زيادة خدماته وانتشاره والسماح له بتقديم خدمات مالية أخرى مثل خدمات التأمين والحوالات وبعض الخدمات المالية الأخرى عند تحقق الظروف الملائمة لذلك.
يشار إلى قيام سلطة النقد وبهدف تعزيز الثقة بالمصرفية الإسلامية والتأكيد على توافق أعمال المصارف الإسلامية مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، فقد أصدر مجلس إدارة سلطة النقد قراراً يقضي بإنشاء هيئة عليا للرقابة الشرعية يعهد إليها تصميم وإجازة المنتجات والخدمات المالية التي تمارسها المصارف الإسلامية ومؤسسات الإقراض المتخصصة وبيان أحكامها وآليات تنفيذها بحيث تكون متفقة تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية والمعايير الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
إن سلطة النقد مستمرة بجهودها في كل ما يسهم في تحقيق استقرار القطاع المصرفي الفلسطيني ونموه وتطوره ومتانته، وخفض حجم المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المصرفي بشكل خاص، والنظام المالي بشكل عام، إلى جانب تعزيز الشمول المالي في فلسطين، والمساهمة في دعم عجلة النمو وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.