صابر حليمة – بيروت : “حين تقدمت للمنحة للمرة الأولى عام 2017، قالت لي اللجنة الفاحصة إنها المرة الأولى التي تتقدم فيها لاجئة فلسطينية من لبنان على هذه المنحة”.
تخبرنا آمنة الأشقر بذلك مع إصرار يلمع بعينيها، أنها ستكون المختلفة، وستقدم نموذجاً للعالم بأسره، حول الفلسطيني اللاجئ، ذي الطموح اللامحدود، المُساهم حباً وواجباً في خوض مسيرة النضال الفلسطيني الذي بدأها أجداده.
ابنة مخيم برج البراجنة جنوب بيروت، تشق اليوم طريقاً لطالما حلمت وسعت إليه أياماً وليالي، إذ أنها إحدى لاجئتين فلسطينيتين، تُقبلان لدراسة الماجستير في برنامج المنح الدولية للحكومة البريطانية “تشيفنينج CHEVENING“، في سابقة على صعيد اللاجئين الفلسطينين في لبنان.
جامعة أوروبية تقاطع الاحتلال.. هذا هدفي
وتتحدث آمنة لـ “بوابة اللاجئين الفلسطينيين” عن ذلك، وتقول إن القصة بدأت عندما عملت صحفية في قناة “فلسطين اليوم” – وهي إحدى المؤسسات الفلسطينية الإعلامية العاملة في لبنان، والتي تحولت لملاذ لخريجي الجامعات الفلسطينيين في هذا البلد، مع حرمانهم من العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة- .
” كنت منتجة لفقرة الصحافة، ومر معي خبر يقول إن مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن “SOAS“، هي أول جامعة في بريطانيا تقاطع الكيان الإسرائيلي أكاديمياً، أثار فضولي الخبر لأتعرف على الجامعة وبرامج الدراسة فيها”.
وعندما تعرفت الأشقر على الاختصاصات التي تعطيها الجامعة، وجلّها غير متوفر في لبنان أو أي من الدول العربية (باستثناء جامعة بيرزيت في الضفة الغربية)، قررت التقديم، لكنها اصطدمت بالتكاليف والرسوم الباهظة، فقررت التقديم على منحة “تشيفنينج CHEVENING“.
وكان قبول طالب زميل لها من قطاع غزة في المنحة دافعاً لها، إذ تقول آمنة، أنه وبالرغم من أن الطلب الأول للحصول على المنحة رفض، إلا أنها عادت وقدمت مرة أخرى، ليقبل طلبها.
اعرف عدوك .. كي تنتصر
واللافت في قصة آمنة، أنها ستكون اللاجئة الفلسطينية الأولى التي تدرس اختصاص “الدراسات الإسرائيلية Israeli Studies” في الجامعة.
وحول هذا الاختصاص، توضح آمنة أنها قررت اختياره حينما فكرت باختصاص يمكن أن يخدم ويضيف إلى القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنها لم تفكر بالمكاسب المادية، بل بإضافة شيء إلى مسيرة القضية.
وذكرت أن أهمية الاختصاص تنبع من أنه يتيح فهم الكيان الإسرائيلي فهماً أكاديمياً وعلمياً، وذلك على عكس الفهم المتداول إعلامياً.
وحول الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، تقول آمنة إنه يكمن في إحداث الأثر ورفع الوعي بما يخص الكيان الإسرائيلي، وتشير إلى أن هدفها بعيد المدى، يتمثل في تأسيس مجال تخصصي في هذا الشأن في لبنان، الذي تعتبره “تربة خصبة” لهذا المجال، وهذا بالطبع، بعد إكمال الدكتوراة.
أما رسالتها إلى الطلاب الفلسطينيين، وخصوصاً اللاجئين منهم في لبنان، فهي إيلاء اهتمام بالعلوم الإنسانية التي تسهم في رفع الوعي بالقضية الفلسطينية.
وترفض آمنة القول السائد المتثمل في أن دارسي هذه الاختصاصات قلما يجدون عملاً ذا مردود مادي جيد، وتؤكد أن الإبداع هو الذي يفتح الباب للعمل والمال، داعية إلى إرشاد الطلاب إلى الاختصاصات الإنسانية التي تطور عقلية التفكير وتنهض بالمجتمع الفلسطيني داخل المخيمات.