العامةمرأة

من قــتـــل شـــذى الـبــرغــوثي؟

“عندما أعود إلى البيت، وأرجع إلى حضن أهلي، سأكون قد أتممت السادسة عشرة، حينها سأكمل دراستي، وأتخصص في القانون حتى أمارس مهنة المحاماة، وأعيد اخوي الاثنين اللذين ما زالا محتجزين”.

كانت هذه كلمات شذى يحيى البرغوثي في لقائها الأخير مع والديها قبل تسعة أشهر، والتي عبرت فيه عن شوقها وسعادتها للعودة إلى حضنهما الذي سلبت منه قبل 6 سنوات.

شذى التي لجأت مع أسرتها قبل 11 عاماً إلى النرويج بحثاً عن حياة أفضل، أعلنت السلطات النرويجية قبل أقل من اسبوع عن وفاتها في إحدى مراكز رعاية وحماية الأطفال.

كانت والدتها فادية البرغوثي وقتها تقضي عطلة عيد الأضحى المبارك في منزل عائلتها بقرية كفرعين شمال غرب رام الله، حيث وصلت إلى هناك في الأول من آب الجاري.

تفاجأت بلحاق زوجها يحيى بها، كان قد فضل البقاء في النرويج حتى يبقى على مقربة من أبنائه الثلاثة (شذى، أحمد، محمد) الذين يتواجدون في مركز لرعاية الأطفال، لقد جاءها ليخبرها أن شذى قد توفيت في ظروف ما زالت مجهولة.

يحيى من بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، في شهر نيسان من عام 2002 كانت البلدة تعيش تحت وقع حظر التجول حيث فرض على كل شاب يحمل بطاقة هوية بأن يتوجه إلى مدرسة البلدة، وهناك أخضع الشبان للتحقيق، ويحيى كان من بينهم، ولأنه لم يكن يحمل الهوية اعتقل لمدة شهر وأبعد إلى الأردن.

لحقته زوجته فادية إلى الأردن، وبقوا هناك لمدة عام تقريباً، وحينها قرروا أن يبحثوا عن عمل أفضل وحياة كريمة أحسن، لذا قرروا الهجرة إلى النرويج، حيث وصولوا هناك لاجئين وحصلوا على الجنسية بعد سنوات.

التحق أطفالهم بالمدارس، واختلطوا بأقرانهم من كافة الجنسيات هناك، ووالديهما بدءا بتحقيق جزء من الحلم الذي جاؤوا من أجله، كان كل شيء يسير وفق المخطط له، والأمور تتجه نحو ذلك.

لكن في أحد الأيام قبل 6 سنوات جاءت الشرطة إلى المدرسة، وأخذت الأطفال الثلاثة من داخل صفوفهم، ذهب الأهل مذعورين إلى الشرطة للاستفسار عن الأمر، وردوا عليهم بأنكم غير مؤهلين برعاية أطفالكم، ولذلك تم تحويلهم إلى أسر حتى ترعاهم.

لكن كيف تم ذلك؟، جدهم رزق البرغوثي قال: “الشرطة اخذتهم من المدرسة بعد وصول بلاغ بأن هؤلاء الأطفال يتعرضون للعنف من قبل والديهما، إلا أن الأمر ليس كذلك مطلقاً، فإن الأطفال كانوا يعيشون في ظروف عادية جداً وكأي أسرة أخرى، حتى أن والديها ضحيا بكل شيء حتى يوفرا لهم حياة كريمة، ولذلك ذهبوا إلى النرويج”.

كان يسمح لوالديهما بزيارتهما مرة كل 6 أشهر، والزيارة كانت تتم في ظروف معقدة، حيث تخضع لحراسة الشرطة وتتم في مكان سري، ويمنع فيه الأهل من التحدث مع أبنائهم باللغة العربية.

هذه الاجراءات أدخلت الأطفال في ظروف نفسية صعبة، حتى أن أحدهم حاول القفز ذات مرة من طابق ثاني خلال زيارة أهله، حيث أخبرهم أنهم موجود لدى أسرة غير معتاد عليها، ويريد العودة إليهم، حينها منعت الشرطة لقاءه مع ذويه.

معاناة يحيى وفادية المستمرة منذ 6 سنوات، جاءت بارقة الأمل لها قبل 9 أشهر خلال زيارتهما الأخيرة لأبنائهم، حيث كانت شذى 16 عاماً في سعادة غامرة لقرب عودتها إلى أهلها، حيث أن الطفل الذي يبلغ هذا العمر يذهب إلى المحكمة ليقرر إن كان يريد البقاء في مركز الرعاية أو العودة إلى أهله، ويومها تحدثت لهم عن حلمها بأن تصبح محامية وتعيد اخويها الاثنين.

إنهار كل شيء بعد أن أبلغت الشرطة والدها بأنها توفيت في المركز في ظروف ما زالت غامضة، غير أن جدها رزق البرغوثي يرجح بأنها تعرضت للقتل لسبب غير معروف حتى الآن.

ويتساءل: “هل أن أحد اعتدى عليها وقتلها، ولكن كيف تقتل وهي في مركز يفترض أنه يحميها ويحافظ عليها؟”.

ويضيف: “سنبيع كل ما نملك حتى نستعيد محمد وأحمد، وحين يتحقق ذلك ستعود العائلة إلى أرض الوطن، بعد كل هذه المعاناة والمآسي التي عاشتها هناك”.

سفيرة فلسطين لدى النرويج “ماري انطوانيت سيدين” قالت في حديثها لــ”وفـــا”، إن الشرطة النروجية أكدت لها أن ما حصل مع شذى هو جريمة قتل، لكن لم يتم معرفة كيف حدث ذلك، وينتظر صدور تقرير نهائي عن تفاصيل الحادثة، حيث يتم مراجعة كاميرات المركز، فيما أن تقرير الطب الجنائي يصدر خلال مدة أقصاها 6 أشهر.

وتكمل السفيرة: “قضية هؤلاء الأطفال لا يمكن للسفارة الفلسطينية أن تتدخل فيها من منطلق قانوني، لأنهم يحملون الجنسية النرويجية، وعلى الأهل أن يرفعوا قضية لدى المحكمة حتى يستعيدوا أطفالهم الاثنين، والأمر بحاجة إلى محامي محنك حتى يحقق ذلك”.

الجمعية التي أخذت الأطفال تسمى بـ “البرنفال” وهي دائرة حكومية اختصاصها النظر في قضايا تتعلق بالأطفال، فيما ترى بأن ما تقوم به هو لصالح العائلة، وليس بنزع الأطفال بتلك الصورة التي يتم تداولها.

وفا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى