لرفضه الإبادة.. إسرائيل توعز لسفرائها بعدم التعزية برحيل البابا فرنسيس

أوعزت إسرائيل لسفرائها بدول العالم بعدم التوقيع على دفاتر التعازي برحيل البابا فرنسيس في سفارات الفاتيكان، بسبب مواقفه الرافضة للإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، الجمعة.
ومن المقرر أن تقام مراسم جنازة الراحل فرنسيس في ساحة كنيسة القديس بطرس في تمام الساعة العاشرة من صباح السبت، بحضور رؤساء حكومات وأفراد من عائلات مالكة، لكن إسرائيل لن يمثلها سوى سفيرها لدى الفاتيكان يارون سايدمان.
وصباح الاثنين، أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عاما، بمقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان، وذلك بعد تدهور صحته.
وأوضحت “هآرتس” أن “وزارة الخارجية الإسرائيلية حذفت منشورات تعزية بالبابا الراحل من حسابها الرسمي، ووجّهت بعثاتها حول العالم للقيام بالمثل، إلى جانب أمر داخلي يمنع السفراء من التوقيع على دفاتر التعازي في سفارات الفاتيكان”.
وأضافت الصحيفة: “زعمت الوزارة لاحقًا أن الرسالة الأصلية نُشرت بالخطأ”.
وفي إطلالته الأخيرة بمناسبة “عيد الفصح” المسيحي، قال البابا فرنسيس إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة “تولد الموت والدمار”، وتسبب وضعا إنسانيا “مروعا ومشينا”.
وقبل رحيله بيوم، وجه البابا فرنسيس عدة رسائل للعالم في خطاب قرأه أحد معاونيه، وفق ما ذكره موقع “أخبار الفاتيكان”.
والأحد، دعا البابا أمام حشد من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان إلى “وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، وتقديم المساعدة للشعب الذي يتضوّر جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن بعض السفراء يعتقدون أن الحذف مرتبط بانتقاد البابا الصريح للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وكتب أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين على مجموعة “واتساب” (لم تسمّه الصحيفة): “حذفنا تغريدة بسيطة وبريئة تُعبّر عن تعازي أساسية، وذلك بوضوح بسبب انتقاد البابا لإسرائيل قبل رحيله”.
وقالت “هآرتس”: “لم تُفصّل وزارة الخارجية أكثر من القول إن التغريدة كانت خطأً”، فيما لفت مسؤول كبير: “لقد رددنا على تصريحات البابا ضد إسرائيل خلال حياته، ولن نفعل ذلك بعد وفاته، نحن نحترم مشاعر أتباعه”.
وأضافت الصحيفة العبرية: “أدى هذا الخلاف إلى تعميق التوتر المتصاعد أصلًا بين إسرائيل والفاتيكان”.
ونقلت عن النائب المعارض جلعاد كاريف، الذي حضر قداسًا تذكاريًا للبابا في القدس، قوله إنه جاء بهدف “الاعتذار عن تصرف الحكومة”.
وأضاف كاريف: “أشعر بالخجل من عدم إصدار الحكومة الإسرائيلية والكنيست (البرلمان) رسالة تعزية رسمية، أنا هنا لأعرب عن تعازي بالنيابة عن الغالبية العظمى من الإسرائيليين، سواءً للمؤمنين المسيحيين في إسرائيل أو لمئات الملايين من المسيحيين الكاثوليك حول العالم”.
بدوره، كتب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، على منصة إكس: “أتقدم بأحرّ التعازي إلى العالم المسيحي، وخاصةً للطوائف المسيحية في إسرائيل بفقدان أباهم الروحي العظيم، قداسة البابا فرنسيس، كان رجلا ذو إيمانٍ عميق ورحمةٍ لا حدود لها”.
ولفتت “هآرتس” إلى أن “ما يُؤكّد على الفتور الدبلوماسي أن إسرائيل لن تُرسل سوى سفيرها لدى الفاتيكان سايدمان، لحضور جنازة السبت”.
وقالت: “عندما توفي البابا يوحنا بولس الثاني عام 2005، حضر الجنازة كلٌّ من الرئيس الإسرائيلي آنذاك موشيه كاتساف، ووزير الخارجية سيلفان شالوم”.
وأضافت: “تُرسل معظم الدول رؤساء دول أو ملوكًا لحضور الجنازة”.
وأشارت إلى أن العلاقات مع إسرائيل تدهورت بشكل حاد بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والعدوان الإسرائيلي الذي تلاها على غزة، والذي عارضه البابا بشدة.
وقالت “هآرتس”: “وصف البابا فرنسيس الأزمة الإنسانية في غزة بأنها مخزية، واستشهد ببيانات تفيد بأن الوضع يحمل سمات إبادة جماعية”.
أثارت هذه التصريحات غضبًا بين المسؤولين الإسرائيليين، مع ذلك، جادل المدافعون عن البابا فرنسيس بأن تعبيراته عن التضامن مع الفلسطينيين تعكس التزامًا راسخًا بالسلمية وتخفيف المعاناة الإنسانية أينما وجدت.
وفي قداس أقيم الثلاثاء بكنيسة القيامة بمدينة القدس الشرقية لتأبين بابا الفاتيكان فرنسيس، لم تغب غزة عن صلوات الفلسطينيين المسيحيين والدعاء لها.
وترأس القداس بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وهو أحد المرشحين لخلافة بابا الفاتيكان.
ككل الفلسطينيين في غزة، يعاني المسيحيون في غزة من حرب الإبادة الإسرائيلية، ما دفعهم إلى اللجوء إلى كنيستين بحثا عن الأمان، حيث يتم تأمين حاجاتهم من خلالها.
وفي 22 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعرب رئيس الفاتيكان البابا فرنسيس عن رفضه لقتل الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، جراء الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، قائلا إنها “ليست حربا، بل وحشية، أريد أن أقول هذا لأنه يدمي القلب”.
وتطرق البابا فرنسيس آنذاك إلى الأحداث التي تشهدها غزة خلال لقاء أعضاء مجلس الوزراء البابوي للاحتفال بعيد الميلاد.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 168 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.