حقوقي تونسي للشعوب العربية: ابقوا بالشارع دعما لغزة
بينما يوشك اكتمال العام الأول من الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، دعا المدير التنفيذي لجمعية أنصار فلسطين بتونس (أهلية) محمد البشير خضري الشعوب العربية إلى عدم مغادرة الشارع ومواقع الاحتجاج “دعما للمقاومة”.
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 138 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة، في إحدى أسوا الكوارث الإنسانية بالعالم.
وقال خضري، في مقابلة مع الأناضول: “في الذكرى الأولى لاندلاع عملية طوفان الأقصى المطلوب من الشعوب العربية ألا تغادر الشارع ومواقع الاحتجاج ومواقع الدعم للمقاومة”.
وفي 7 أكتوبر 2023، أطلقت “حماس” عملية “طوفان الأقصى” وهاجمت خلالها مواقع عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على “جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”.
وأضاف خضري أنه “بعد نحو عام على طوفان الأقصى، باستثناء نقطتين أو ثلاث في العالم العربي فرضت نفسها من حيث التظاهر لدعم المقاومة، فإن الشعوب العربية لم تكن في مستوى نداءات المقاومة الفلسطينية”.
وتابع: “في شعب يعد بالملايين لا تجد سوى تظاهرات لعشرات أو بضع مئات يتضامنون، ليس هذا المطلوب من شعب مسلم عربي في نصرة أشقائه”.
وأردف أن “المطلوب من الشعوب العربية ألا تغادر الشارع ومواقع الاحتجاج ومواقع الدعم للمقاومة”، وأردف: “باستثناء البعض الشعوب ليست في مستوى الحدث”.
خضري فسر غياب الاحتجاجات الشعبية في معظم البلدان العربية دعما للمقاومة بـ”غياب الحرية” في تلك البلدان.
بوصلة الأقصى
وحول استنتاجاته بعد نحو عام من الإبادة، قال خضري “نعتبر أن طوفان الأقصى هي مرحلة أساسية للتعبير عن كل كيان يصبو للحرية بقناعة أن الحرية لا تُهدى بل تُفتك”.
وزاد أنه “بهذه القناعة كانت في البداية (من) كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) مع بعض فصائل المقاومة، ومن بعد أصبحت كل فصائل المقاومة ملتفة حول بعضها البعض”.
واعتبر أن “هذه المقاومة ليست مهمتها تحرير غزة وإخراج العدو فقط، بقدر ما كان عنوان عملية طوفان الأقصى يُبلِّغ رسالة مباشرة أن قضيتنا هي قضية المسجد الأقصى المبارك الذي هو القبلة الأولى للمسلمين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين الشرفين (بعد مكة والمدينة)”.
خضري شدد على أن “هذا كان هدف كتائب القسام، وكلما تم انتهاك في المسجد الأقصى تحركت المقاومة وردت الفعل؛ لأن البوصلة هي أنه طالما المسجد الأقصى مضطهد، فالأمة العربية كلها مضطهدة وتحت سيطرة الكيان الصهيوني”.
ورأى أن “المرحلة الآن هي مرحلة إعطاء المسجد الأقصى مكانته في قلب الأمة الإسلامية”.
ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تكثف إجراءاتها لتهويد مدينة القدس المحتلة، بما فيها “الأقصى” وطمس هويتها العربية والإسلامية.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
إمكانيات ذاتية
وحسب خضري فإن “المقاومة لم تعوّل على أي دولة، مع أنه لابد من شكر إيران التي كانت داعمة معنويا وماديا، والإيرانيون هم الوحيدون الذي أعطوا دفعا قويا للمقاومة”.
وأكد أن “الصمود كان نتيجة الاعتماد على المولى عز وجل الذي أمدهم بقوة وعلى الإمكانيات الذاتية.. الأسلحة التي تواجه بها المقاومة العالم المستبد الظالم تم الحصول عليها بإمكانيات ذاتية وبصناعة تقليدية محلية”.
وتابع: “هذا ما تركهم يصمدون ولا يزالون يصمدون أكثر، ولعل وقوف قوى الطغيان مشدوهة أمام هذا الصمود القوي يؤكد مفاجأة المقاومة لعدوها”.
وزاد بأن “قوى الظلم كانت تتصور أن المقاومة لن تصمد سوى أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين كأقصى تقدير ويتم القضاء عليها”.
واستدرك: “نحن على أبواب العام الثاني ولا تزال المقاومة توجع الكيان الصهيوني وتوجع حتى الأمريكان الذي يشاركون مباشرة (في الحرب)، وليس بالكلام فقط، فهي موجودة في الميدان بجنودها وأسلحتها المتطورة”.
خيبة أمل
وعن ردة فعل الحكومات العربية والإسلامية، قال: “كنا نتصور أن جزءا على الأقل من العالم الإسلامي سيكون وراء المقاومة ويدعمها، ولكن خيبة أمل كبيرة جدا حصلت، ليس من غياب رد فعل من الأمة الإسلامية فقط، بل حتى من الأمة العربية”.
لكنه لفت إلى أن “المقاومة الفلسطينية عندما بدأت عملية طوفان الأقصى لم تكن تعول على أحد سوى على إمكانياتها وقدراتها وشجاعة أبنائها واحتضان الشعب الفلسطيني لها”.
خضري اعتبر أن “من دروس طوفان الأقصى أنه أسقط كل أوراق التوت عن العالم بأسره، سواء في فلسطين المحتلة أو العالم العربي والعالم الإسلامي والعالم بأسره”.
ومتحدثا عن المجتمع المدني في تونس، اعتبر خضري أنه “غير فعال لعدة أسباب، فلا يوجد فضاء واسع للتحرك وثانيا عدم استجابة المواطنين لجمعيات المجتمع المدني، ربما لعامل الخوف من التتبعات (الملاحقات) الأمنية، والبعض يقول مشاكلنا الداخلية كثيرة وعلينا حلها قبل شيء”.
وأردف: “هذا كله يترك عدم تفاعل قوي مع المقاومة لدعمها، ونحن نحاول أن نذكّر وندفع الناس للمشاركة ونوفر الأطر القانونية للمشاركة”.
نداء وحيد
“بالنسبة لنا كجمعية، من الأسبوع الثاني لطوفان الأقصى لم نغادر مواقع الاحتجاج والدعم للمقاومة وسنواصل وبصدد إعداد برنامج لمرور سنة على طوفان الأقصى”، وفق خضري.
وأضاف: “نداء وحيد نوجهه للشعب التونسي وهو: أنك تُعتبَر أكثر الشعوب حرية في العالم العربي ولم تستثمر هذه الحرية في الدفاع عن الحق الفلسطيني، ونطلب من كثير من النخب أن تنزل من موقع المتفرج إلى المشاركة في الدعم والاحتجاج”.
وعبَّر عن أسفه أنه “رغم الاغتيالات الكبيرة جدا والموجعة (لقادة بالمقاومة) لم يتحرك الضمير العربي.. متى سيستفيق ويتحرك؟”.
وتابع: “في غزة تجاوز الرقم 41 ألف شهيد ونحو 100 ألف مصاب، علاوة على آلاف الشهداء في صفوف اللبنانيين، ورغم ذلك الضمير العربي لم يعبر حتى عن وجوده”.
وأردف: “فهذا مؤسف جدا ومخز حتى للمسؤولين العربي، ونتساءل أين الجامعة العربية هل ماتت أو قبرت إلى الآن لا ندري”.
وللمطالبة بإنهاء الإبادة بغزة، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر حتى مساء الأربعاء في لبنان عن 1928 قتيلا و9290 جريحا، بينهم أطفال ونساء، حسب وزارة الصحة اللبنانية.
وردا على موقف هذه الفصائل، تشن إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي إسرائيل “أعنف وأوسع” هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع “حزب الله” قبل نحو عام، ما أسفر حتى صباح الخميس عن 1120 قتيلا، بينهم أطفال ونساء، و3039 جريحا، ومليون و200 ألف نازح، وفق رصد الأناضول لبيانات السلطات اللبنانية.