جيش الاحتلال دمر منذ بداية الحرب الإسرائيلية 206 مواقع أثرية وتراثية بشكل كامل
– مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة: جيش الاحتلال دمر منذ بداية الحرب الإسرائيلية 206 مواقع أثرية وتراثية بشكل كامل
– الفلسطيني نضال عودة أحد النازحين بالقرب من الدير: صواريخ الاحتلال طالت كل شيء، فالمعالم التاريخية والأثرية والدينية لم تسلم بأي شكل من الأشكال
يستقر “دير القديس هيلاريون” على تلّة رملية مرتفعة شمال غرب بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، منذ قرابة 1700 عام، يبعد عن شاطئ البحر مئات الأمتار، لكنه ليس بعيدا عن مرمى نيران وقذائف إسرائيل التي تشن حربا على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وموقع هذا الدير يشعرك، وأنت تقف بداخله، بقدم الزمان وسكون المكان، حيث لا يُسمع سوى أصوات الرياح وأصوات القذائف الإسرائيلية وإطلاق النيران التي تكسر الصمت الروحاني الذي كان يكتنف حياة الرهبان هناك.
ولا يبعد تمركز الآليات والدبابات العسكرية الإسرائيلية في محور “نيتساريم” الفاصل بين شمال وجنوب قطاع غزة، عن موقع دير “القديس هيلاريون” كثيرا وقصفت الطائرات والمدفعيات أهدافا عديدة على مقربة من الموقع، ما يشكل خطرا حقيقيا على الدير الأثري والتاريخي.
ونجحت دولة فلسطين في 26 يوليو/ تموز الماضي، بتسجيل موقع دير “القديس هيلاريون” على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر لدى لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.
مخاوف من تدميره
ويتجول الفلسطيني، نضال عودة، داخل دير “القديس هيلاريون” في بلدة الزوايدة، يتفحص هذا المعلم الأثري والتراثي العريق.
ويقول عودة (44 عاما)، النازح من مدينة غزة، لمراسل الأناضول: “جئنا للتعرف على هذا الدير الذي يسمى أيضا تلة أم عامر بعد إدراجه بفترة بسيطة في منظمة اليونسكو العالمي ضمن الآثار والموروث العالمي المهدد بالخطر، خشية تدميره من قبل جيش الاحتلال”.
وأضاف: “صواريخ الاحتلال طالت كل شيء، فالمعالم التاريخية والأثرية والدينية لم تسلم بأي شكل من الأشكال”.
وتابع: “نحن شعب يتمسك بتراثه فمن لا ماضي له فلا حاضر له، وهذا حقيقة مهمة في إبراز هوية الشعب الفلسطينية وكينونته ووجوده”.
وخلال تجوله داخل المعلم الأثري برفقة عدد من أفراد أسرته، يتمنى عودة أن يبقى التراث حاضراً، وأن لا تُخفيه إسرائيل بقصفها وتدميرها.
وبحسب بيان سابق لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية بغزة، فإن دير القديس هيلاريون الذي يعود للعهد البيزنطي، يعد من أكبر الأديرة في فلسطين من حيث المساحة والتصميم، وأقدمها في الشرق الأوسط، حيث يتكون من 5 أجزاء معمارية.
الأول يشمل غرف بأرضيات فسيفسائية، والثاني فيتمثل بالكنيسة، والثالث وهو الديماس (مبنى تحت الأرض على شكل صليب)، والرابع يضم حوض التعميد والصالات المؤدية له وأما الخامس فهو منطقة الحمامات.
كما عُثر داخل الموقع على قبور وقطع فخارية ونقدية بعضها يعود للقرنين الأول والثاني الهجري.
وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2023 أدرجت اليونسكو موقع دير القديس هيلاريون على لائحتها للحماية المعززة، في ظل التدمير التي تقول مؤسسات فلسطينية إنه “ممنهج بحق المواقع الأثرية الفلسطينية”.
في دائرة الاستهداف
مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، قال لمراسل الأناضول إن “الاحتلال الإسرائيلي دمّر منذ بداية حربه على القطاع نحو 206 مواقع أثرية وتراثية بشكل كامل، بما في ذلك المساجد والكنائس والمدارس والمنازل القديمة”.
وأضاف: “تعرضت العديد من المراكز التراثية والأثرية في غزة لأضرار جسيمة نتيجة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، أبرزها المسجد العمري في جباليا (شمال)، المسجد العمري الكبير في غزة، كنيسة القديس جورج وكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، ومدينة غزة القديمة”.
وبين الثوابتة أن كل المعالم الأثرية والتراثية تحت دائرة التدمير والاستهداف الإسرائيلي حتى دير “القديس هيلاريون” التاريخي الذي أدرج حديثا إلى قائمة التراث العالمي من اليونسكو.
وتابع: “لن يكون هذا المعلم الأثري والتراثي بعيدا عن نيران الاحتلال وقصفه وطائراته، فهذا ليس غريبا عليه”.
وأوضح الثوابتة أن “الاستهداف الإسرائيلي وتدمير المعالم التاريخية في قطاع غزة، عمل إجرامي يهدف إلى النيل من التراث الثقافي الفلسطيني، وكسر إرادة الشعب الفلسطيني، وترسيخ وجود إسرائيل في فلسطين بالقضاء على المعالم الفلسطينية”.
وأكد أن “استهداف المعالم التاريخية من جرائم الحرب التي يُعاقب عليها القانون الدولي، وقد أدانت العديد من الدول والهيئات الدولية استهداف إسرائيل للمعالم التاريخية في فلسطين”.
وأدان مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، استهداف وتدمير إسرائيل للمواقع الأثرية والتراثية في القطاع، ومحاولات طمس التاريخ والجغرافيا الفلسطينية.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 131 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.