شرفة

الحرب على غزة ما بين الاقتدار والارتباك

رئيس التحرير: عبور السابع من أكتوبر الذي نفذته كتائب القسام الى غلاف غزة شكل صدمة قوية،  ليس لدولة الاحتلال وقادتها  فحسب، بل للعالم اجمع، الامر الذي أربك قادة دولة الاحتلال حد الانهيار، وادخلهم في حالة الهستيريا المستمرة حتى يومنا هذا، وربما تبقى أثار هذه الصدمة للابد.

وبالرغم من التدخل السريع من الولايات المتحدة الامريكية وادارتها لحماية دولة الاحتلال، وتقديم كل الدعم اللازم عسكريا وماديا وسياسيا واعلاميا الى جانب دول أوروبية كثيرة، لم يخفف هذا الدعم من حالة الصدمة والارتباك، فشنت دولة الاحتلال حربا همجية حرقت الأخضر واليابس في قطاع غزة، ولم تترك منزلا ولا مسجدا ولا كنيسة ولا مستشفى، تحت شعارات وأهداف غير مدروسة عسكريا وسياسيا، بل وضعت بمقاسات استعراض القوة وأنانية قادة الاحتلال وحسابتهم الشخصية، التي تجلت في استعراضهم للحقد فرادى ومختلفين علنا تحت سقف غرفة عمليات إدارة الحرب.

محللون عسكريون وسياسيون بمن فيهم إسرائيليون صرحوا علانية ان هذه الحرب لن تحقق الأهداف الموضوعة لها، وان بشاعة هذه الحرب افقدت إسرائيل هيبتها، وقللت من مكانتها الوهمية، وستلحق بها اضرارا عسكرية واقتصادية واخلاقية، وبالتالي هزيمتها امام تنظيم محدود القدرات، محاصر في منطقة جغرافية صغيرة.

في المقابل، حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وذراعها العسكري كتائب عز الدين القسام خططت لهذا العبور وما بعده،  باقتدار بات واضحا من خلال الأداء العسكري والسياسي والأخلاقي،  فبالإضافة الى تجهيزاتها العسكرية البسيطة والصواريخ المصنعة محليا امتلكت من خلال عملية العبور  “طوفان الأقصى”  وتدمير فرقة غزة العسكرية عشرات الاسرى العسكريين من ضباط وجنود وعشرات المدنيين الذين جرفهم الطوفان ليديها ، وردت على مدار 47 يوميا على مجازر الاحتلال بألاف الصواريخ على غلاف غزة، ومدن دولة الاحتلال الرئيسية بما فيها تل ابيب التي فرضت عليها منعا للتجول  الصاروخي على مدى أيام الحرب، وهجرت عشرات الالاف من المستعمرين، وشلت اقتصاد “دولة إسرائيل” ، وعند الدخول البري لجيش الاحتلال أصبحت المشافي والبنى التحتية المدنية هدفا لأقوى الجيوش في المنطقة،  وهزته قذائف الياسين 105 ودمرت فخر صناعاته العسكرية وقتلت جنده جماعات وفرادى.

وفي إدارة المعركة ذات القدرات العسكرية المحسومة لصالح دولة الاحتلال، والدعم الدولي الاعمى المخذول بالأكاذيب، وبشاعة القتل وتعرية الأنظمة السياسية الحاكمة،  وفقدان الثقة بالقيم والشرائع الدولية ، كسبت المقاومة الفلسطينية الجماهير في كل شوارع العالم والعربي والإسلامي والدولي، الذي كان له الأثر المهم في ميزان الحسم لصالح المقاومة، ورضوخ دولة الاحتلال لهدنه قد تفضي الى وقف لإطلاق النار بشروط قساميه، لا بولدنات بن غفير الانتهازية الحاقدة.

ما بين الاقتدار والصبر التي تحلت بها المقاومة ، وما بين الارتباك والكبر والتضليل الذي كان سمة لقادة دولة الاحتلال،   يكمن سر النصر، ففي خطابات أبو عبيدة التي تابعتها الملايين عند كل ظهور بالاستماع الجيد والتحليل الدقيق وتمحيص البراهين المصورة، كان الخبر اليقين ، اما تصريحات وكذب الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال وافلامه الكرتونية الافتراضية وكذب قادته وخلافهم الواضح امام كاميرات وسائل الاعلام  كان الخبر المضلل والضعف الواضح، ومؤشرات الهزيمة.

صمدت الناس في قطاع غزة وتحدت الموت بالموت، وصبرت حماس، وقادت فصائل المقاومة التي انخرطت فورا في المعركة،  وتضامن حزب الله المؤثر  في جبهة الشمال وعروبة اليمن والعراق التي أكدت ان من يريد يستطيع ،  وادارات حماس معركة عسكرية وسياسية ثقيلة  بكلمة واحدة موحدة ليس فقط الضيف والسنوار مركزها،  بل هدف النصر، وإعادة  القضية الفلسطينية على مقدمة اجندات صناع القرار في العالم،  وغيرت النظرة  اليها من قضية هامشية مفعول بها ما شاءت أمريكيا وإسرائيل، الى ما يشاء ويريد لها الفلسطيني رغم الثمن العالي المدفوع بالدم والألم.

ما بعد 7 اكتوبر 2023 ليس كما قبله ، فلسطينيا وعربيا واسلاميا ودوليا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى