تل السلطان.. عمق التاريخ والجغرافيا يقتربان من العالمية
في خطوة طموحة للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي لفلسطين، يعمل مسؤولون بالتعاون مع عدد من الجهات وبدعم الحكومة الإيطالية (2.4 مليون دولار)، لضمان تسجيل تل السلطان، أو ما يعرف مدينة أريحا القديمة، على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وتشمل هذه المنحة ترميم معالم أريحا الأثرية، وإعادة المدينة لحضارتها المتجذرة في التاريخ، وضمان تسجيل الموقع منتصف أيلول/ سبتمبر المقبل.
ويجسد اقتراح إدراج موقع تل السلطان في التراث العالمي في منظمة “اليونسكو”، قائمة المواقع الدولية المميزة التي تُدار بهداية المنظمة، وقد تتنوع بين معالم طبيعية كالغابات وسلاسل الجبال، ومعابد، ومدن بنتها البشرية.
يقول مدير عام التراث العالمي في وزارة السياحة، أحمد الرجوب، إن اختيار تل السلطان لإدراجه في التراث العالمي، يعود لتاريخه وموقعه الجغرافي اللذين يمتلكان استراتيجية فريدة نابعة من موقعه القريب من عين السلطان، والتي تشكل أساس وجود مدينة أريحا، وبداية الحياة البشرية خلال الفترة الناطوفية قبل ظهور النباتات قبل حوالي ١٠٥٠٠ عام.
ويشارك في إدراج الموقع على لائحة التراث العالمي، وزارات السياحة والمالية والعدل والحكم المحلي، وسلطة الأراضي، ومحافظة أريحا برئاسة وزارة الداخلية وبالشراكة مع مكتب اليونسكو في رام الله، وبلدية أريحا ومكتب الممثلية الايطالية في القدس، وجامعة روما.
ويؤكد الرجوب أن الأهمية التراثية والتاريخية لتل السلطان تتجلى في تميزه كأقدم مدينة زراعية مسوّرة في العالم، تاريخها يمتد لأكثر من 8 آلاف عام، وهي تمثل نموذجا معماريا فريدا في العصور القديمة.
وأشار إلى أن تل السلطان يحوي 29 طبقة لحضارات قديمة ومبان معمارية هامة، منها المبنى الدائري “البرج”، الذي يعتبر منجزا معماريا فريدا، حيث يضم درَجا داخليا منحوتا من الحجر، ويحتوي على ممر بعرض 3 أمتار، وتم تشييد سور يحيط بالمدينة وخندق بعمق 3 أمتار، وتحتضن المدينة نظاما اجتماعيا واقتصاديا مزدهرا.
وأكد أن وزارة السياحة قد أعدت ملفا تراثيا فلسطينيا لتل السلطان، بالتعاون مع خبراء من وزارة السياحة، وأخرين فلسطينيين ودوليين، وتم تقديمه إلى اليونسكو للتسجيل.
وعن أهمية تسجيل تل السلطان في قائمة التراث العالمي، أكد الرجوب أنها تعتبر حماية للهوية والرواية الفلسطينية، وستساهم في تعزيز الجوانب الاقتصادية والسياحية للمنطقة، وستعزز مكانة فلسطين في العالم، كم أن تسجيله على لائحة التراث سيزيد عدد الزوار والسائحين إليه خلال السنوات القادمة، وسيحقق الرؤية الطموحة لتطوير الموقع وتسجيله كموقع تراثي عالمي، ما سيسهم في إبراز التراث الفلسطيني وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.
من جابنها، اعتبرت مديرة دائرة الثقافة والعلاقات العامة في بلدية أريحا وئام عريقات أن العمل يجري على تسجيل موقع تل السلطان في اليونسكو لإحداث نقلة نوعية في مجال السياحة الدولية إلى فلسطين، وهو ما تم ملامسته عند إدراج مواقع سياحية سابقة، مشيرة الى أن المنحة الايطالية للموقع تشمل توضيح معالم الموقع للزوار نظرا لأقدميتها، وإعادة تأهيلها، وضمان تسجيل الموقع بمعايير دولية في اليونسكو.
كما أكدت على أن إدراج الموقع على لائحة التراث يخطو نحو تحقيق حماية المواقع الفلسطينية من التعديات، وزيادة وتعزيز الاعتراف الدولي بالهوية الحضارية الفلسطينية وبأهمية المواقع الفلسطينية على الصعيد الدولي.
تاريخيا، كان أول موقع فلسطيني يتم تسجيله في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، هو البلدة القديمة وأسوار القدس، وذلك من قبل المملكة الأردنية الهاشمية في عام 1982. وفي السنوات التالية، بالتحديد مع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، تم تسجيل العديد من المواقع الهامة في قائمة التراث العالمي، ومنها كنيسة المهد ومسار الحجاج عام 2012، وفلسطين أرض الزيتون والعنب عام 2014، والمشهد الثقافي لمدرجات جنوب القدس – بتير في ذات العام، وأخيراً تم تسجيل البلدة القديمة في الخليل في عام 2017.
وعلى الرغم من هذه الجهود للحفاظ على هذه المواقع الثقافية الهامة، فإنها جميعها تم تسجيلها في قائمة “تحت الخطر”. وهذا يعكس التهديدات المستمرة التي تواجهها هذه المواقع من جانب الإسرائيليين، والتي تؤثر على استقرارها وحمايتها.
نديم علاوي- وفا