أعذرني أيها الوطن.. لم أجد سوى ظلي ..
كتب محمد عطايا: نشر الناشط والأسير المحرر أبو مارسيل كراجه من قرية صفا غرب رام الله على صفحة الفيسبوك خاصته، اليوم الجمعة، صورة له وحيدا في الارض التي صادرها الاحتلال الاسرائيلي، متظاهرا ومعترضا ومحتجا على بدء أعمال الحفريات لإقامة منطقة صناعية احتلالية على الجزء الغربي من أراضي القرية، وكتب معلقا ” أُعذرني ايها الوطن إني ذهبت ولم أَجد سوى ظلي، لعل ظلي يبقى ثابتاً”
لقد شدتني العبارة والصورة، ودفعتني التعليقات على ما نشره “كراجه” فهي تعكس المزاج العام للشارع الفلسطيني، الذي يعاني الكثير من التحديات، وما زال يقدم التضحيات، ولكن لماذا ترك أبو مارسيل وحيدا مع ظله اليوم، مع أنني شاهدت صورا لمسيرات مناهضة للاستيطان في ذات المكان من قبل.
تذكرت أيضا كلمة للرئيس محمود عباس في أحد خطاباته حين قال :” من شان الله ، برجوكم روحو إعملوا مقاومة شعبية سلمية ..”.
ألا توجد مقاومة شعبية سلمية؟ لماذا يترك أبو مارسيل وحيدا؟ ولماذا تستمر كفرقدوم في مقاومتها للاستيطان منذ سنوات بدون انقطاع؟ و لماذا لم تستمر المقاومة الشعبية السلمية ضد مصادرة جبل الريسان في كفرنعمة وغيرها من المواقع؟ في حين تسجل بيتا أسطورة صمود، وكيف إستطاع أهالي أم صفا من إزالة البؤرة الاستيطانية في أراضيهم خلال أيام؟ وكيف يصمد الاهالي في تجمعات مسافر يطا جنوب الخليل وغيرها ؟ وهل نجحت تجربة الخان الاحمر فعلا أم ان هناك جولات جديدة؟
أسئلة تطرح نفسها للبحث ومواجهة الحقيقة، ووضع اليد على الجرح، وهناك العديد من الباحثين والناشطين في مواجهة الاستيطان الذين يمتلكون المعلومات والخبرة وربما لديهم الاجابة الفورية على هذه الاسئلة، ولا يمكن تقيم هذه التجربة ومقارنتها بمثيلاتها بسهولة أو بردة فعل على موقف قد يراه البعض محبطا.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه في هذا الاطار أنه وفي ظل تصاعد وتيرة مصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية هذه الايام في عهد حكومة نتنياهو وشركاءه في اليمين المتطرف، فهل للسلطة والفصائل كلها خطة موحدة للتصدي ليس للاستيطان فقط بل لخطط التهجير والقتل والدمار، ولتقود الجماهير من خلفها؟
إن ما نعيشه الآن من إنفلات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال وحكومة اليمين الفاشية، وهجومهم اليومي على الفلسطينين، ما هو إلا بداية تنفيذ حرب التطهير العرقي، وتقسيم أوصال الأرض المقطعة بالحواجز، وتفعيل نظام الكانتونات والمعازل، والذي سيستهدف كل فلسطيني يقرر أن يبقى صامدا على أرضه، وليس أمام الفلسطيني إلا الصمود والصبر.
قد تصل صورة أبو مارسيل للمتوجهين للقاهرة، كي تذكرهم وهم من الذاكرين، أن الإرتهان للوعود الخارجية، والاعتقاد بأن ما يحصل داخل دولة الاحتلال من خلافات ومظاهرات وإنقسامات سيقودها الى الضعف الذي يمكن البناء عليه في مواجهة الاحتلال هو خيار ان وجد سيكون مجازفا، فيجب عدم نسيان طبيعة هذه الدولة وإمتداداتها، وعلينا تقييم الحالة الفلسطينية بواقعية، وقراءة معطيات المرحلة بعمق، وأنه ليس غير الوحدة الوطنية من طريق إستراتيجي في مواجهة آلة القتل الاسرائيلية، ومن الواجب التخلي عن المصالح الضيقة عند البعض، والنرجسيات عند البعض الآخر، فسيبقى الانقسام ولغة الأنا يعدم ثقة الجماهير ويضعهفا أكثرفأكثر، يجب أن لا يترك أبو مارسيل طويلا، وحيدا مع ظله، واقفا على أطلال معركة “كركور” وتلة كريسنة حيث رفض المقاتلون الأوامر وقرروا المواجهة، وقضوا شهداء يذكر التاريخ تضحياتهم ، لا لكي تسلب الأرض التي حققوا فيها انتصارا لذاتهم وعلى العدو معا.