نتائج الثانوية العامة تكشف قصصا وأرقاما لافته وتحديات متجددة
كتب محمد عطايا: أعلنت وزارة التربية والتعليم صباح الخميس نتائج امتحانات الثانوية العامة للعام 2023، والتي تقدم لها هذا العام 87826 طالبا وطالبة في المحافظات الشمالية والجنوبية، والمدارس الفلسطينية الخمسة خارج الوطن.
بدأ المتحدث باسم الوزراة صادق الخضور بيانه بإعلان نتيجة الطالب الشهيد مجدي عرعرواي من مدرسة جنين الصناعية الذي تقدم للامتحان، لكنه رحل في عدوان الاحتلال الأخير على جنين ومخيمها. وترحم على زملائه من طلبة الثانوية العامة الشهداء الذين رحلوا قبل التقدم للامتحان، وهم: محمود السعدي/جنين، وديع أبو رموز/القدس، أحمد دراغمة/طوباس، أسامة عدوي/الخليل، محمد تركمان/جنين.
هذا المشهد لم يكن الوحيد المؤثر، بل تبعه نشر وسائل الاعلام الفلسطينية عشرات القصص لأبناء الشهداء والأسرى الذين لم تكتمل فرحتهم بغياب الأباء إما شهداء تحت الثرى أو أسرى خلف القضبان. قصص تحدي وإصرار لطلبة أوفوا بعهودهم لذكرى أباءهم، وآخرون أرادوا زف البشرى وتجديد الأمل لمن هم يتشوقون للاحتفال بهذه الفرحة مع أبنائهم، لكن قيود السجان تمنعهم.
وبالرغم من عدم الاستقرار في الحالة الفلسطينية بسبب إعتداءات الاحتلال ومستوطنيه المستمرة على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية من قتل واعتقال وحرق واقتحامات متكررة، نغصت على طلبة الثانوية العامة صفوة الحياة، وحاجتهم للهدوء والتركيز والدراسة والاستعداد للامتحان، إلا انهم تجاوزا كل هذه المنغصات.
العام الدراسي لهذا العام لم يسر بشكل طبيعي فاضراب المعلمين خلق حالة من التراخي لبعض الوقت، وضغط قبل الامتحان، رغم ما إتخذته وزارة التربية والتعليم والمعلمين من اجراءات مساعدة، ورغم ما حاول الاهالي توفيره لابناءهم، لكن العام الدراسي لم يكن بشكله الطبيعي، ناهيك عن ترسبات جائحة كورونا، وما تركت من أثار.
الصور اللافته لم تقتصر على أبناء الشهداء والأسرى، فقصص الامهات اللواتي أردن استكمال تحصيلهن العلمي تجسد سمات الفلسطيني الذي يدرك أهمية العلم، ويسير في طريقه بحثا عن حياة أفضل. والملفت أيضا ذوو الاحتياجات الخاصة الذين تحدوا إعاقاتهم ليعززوا حقهم في العيش بكرامة وليؤكدوا انهم ليسوا أرقاما أو حالات إنسانية ينظر اليها بعين الشفقة، بل هم بشر قادرون على العطاء.
لن تنتهي التحديات بعد فرحة التوجيهي، فرحلة التعليم الجامعي تبدأ بالخيارات المحدودة والمكرره للتخصصات المتوفرة المشبع بها سوق العمل الفلسطيني، و الجامعات الفلسطينية الذاهبة في طريق الخصخصة، والرسوم العالية في ظل إنكماش دخل الفرد، وإرتفاع تكاليف المعيشة، وثقافة المجتمع التي ما زالت تنظر للتخصصات المهنية بشيء من الدونية، كلها لم تغب عن بال الناجحين وذويهم وتضعهم على محك اختيار التخصص المناسب والجامعة الانسب.
كل الجهات الفاعلة وذات العلاقة الرسمية والأهلية، عليها مد اليد للمساعدة في بناء جيل يحتاج البلد طاقاته، ليساهم في عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لا أن نكتفي بالمباركة وتقديم التهاني عبر صفحات التواصل الاجتماعي.