الشباب يسائلون عن خبايا الواقع الزراعي في 30 منطقة
ايلياء بوست: “ساءلت عن حقها، وساءل عن حقه”.. اعتلى 300 شابة وشاب سدة المساءلة المجتمعية من خلال ترؤوس 30 جلسة مساءلة في 30 منطقة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حاشدين قواهم للسنة الثانية على التوالي، ومسائلين صناع القرار في قضايا تكتنف القطاع الزراعي تحت شعار “تعزيز صمود المزراعين”، وذلك بمناسبة يوم المساءلة الوطني الذي نظمه الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة-أمان ومنتدى شارك الشبابي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالتعاون مع اتحاد لجان العمل الزراعي، وهيئة المستقبل للتنمية.
تقدر الأراضي الزراعية الخاضعة للسيادة الإسرائيلية الكاملة ما حوالي 63% بناء على اتفاقية أوسلو، ولطالما كانت الأرض مركز الصراع ورأس المال الحقيقي لدى المزارع في الدفاع عنها وفي مواجهته المستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي، بيد أن الحصة المخصصة للنهوض بالقطاع الزراعي وحث المزارعين على التشبث بالأرض وزراعتها ليست ذو دلالة، إذ بلغت موازنة وزارة الزراعة أقل من 1% فقط، ما يحتم أهمية تسليط الضوء وإشاعة روح المساءلة لدى الجهات المسؤولة وصانعي القرار في هذا القطاع من أجل تبني سياسات، ومطالب وتوصيات من شأنها تعزيز صمود المزارعين خاصة في المناطق التي تتعرض لممارسات الاحتلال الاسرائيلي، إضافة الى تمكين المزارعين في ظل وجود شبهات فساد تحوم أمامهم في القطاع الزراعي، ما يستدعي الوقوف لتجاوز الاشكاليات والكوارث التي قد يتعرضون لها سواء كانت بسبب الكوارث الطبيعية
او الممارسات من قبل الاحتلال او من سوء التخطيط او ضعف تطبيق القوانين والاجراءات او ضعف الرقابة، التي من شانها حفظ حقوق المزارعين وحمايتهم وتعزيز صمودهم.
وساءل الشباب عن جملة من المواضيع في الضفة على رأسها: مدى انفاذ الخطة الاستراتيجية للقطاع الزراعي، وعن مدى التطوير في التنمية الزراعية وتنفيذ المشاريع الهادفة كاستصلاح وتأهيل الأراضي وشق الطرق والحصاد المائي، وتحسين كفاءة المصادر الطبيعية وأنظمة الري، بالإضافة إلى برامج تحسين القدرة الإنتاجية، مثل مشاريع الخدمات الزراعية، كتحسين الخدمات المقدمة للمزارعين والمزارعات وأصحاب العلاقة الآخرين وبشكل خاص في مجال الإرشاد والبيطرة والوقاية من أجل دعم صمود المزارع الفلسطيني على كل شبر من أرض الوطن.
80% من اللحوم المستهلكة غير خاضعة للرقابة
في حين أعلن وزير الزراعة رياض العطاري عن خطة الوزارة لزراعة 180 ألف شجرة في قلقيلية، ما سيضاعف حجم الإنتاج في المناطق الزراعية في مناطق الشمال، وسيوفر فرص عمل أكبر للخريجين وانخراطهم في المشاريع الانتاجية، في حين أن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الزراعة هو سيطرة الاحتلال على الأرض والموارد. كما دعا العطاري في رده على الشباب الى مكافحة التهرب الضريبي وما يشكله ذلك من خسارة للخزينة العامة، كما أنه يعرض المواطن الفلسطيني للمخاطرة الصحية عند تناول منتجات غير مراقب على جودتها كاللحوم، كاشفا أن 80% من اللحوم التي يستهلكها المواطن الفلسطيني غير مراقب عليها، وداعيا الى زيادة عدد المسالخ في المحافظات الفلسطينية للرقابة على ما يذبح فيها مشيرا في ذات الوقت الى ضرورة تسهيل الاسترداد الضريبي للمزارعين.
فيما كشف العطاري عن العجز في الميزان التجاري للمنتجات الزراعية مع اسرائيل، حيث أن قيمة الواردات تتعدى قيمة الصادرات بشكل كبير، معزيا ذلك الى اتفاقية باريس الاقتصادية وسياسات الاحتلال الي وضعها للضييق على المواطن الفلسطيني فيما يخص منع استيراد المنتجات الزراعية من طرف ثالث لصالح الاستيراد من إسرائيل، وقيام الاحتلال بإغراق الأسواق الفلسطينية بالمنتجات المستوردة، ما يعرّض المنتوجات الفلسطينية للتلف والخسارة جراء هذه السياسات.
عدم وجود توجيه وإرشاد كاف للمزارعين
أما بخصوص أخذ المشورة والدعم الفني من وزارة الزراعة، فقد عبّر بعض المزارعين المشاركين في جلسات المساءلة عن استيائهم من عدم وجود توجيه وإرشاد كاف لهم، وعدم تلقيهم لاستشارات فنية وتوعوية خلال عملهم في الحقل خاصة في عملية تخطيط وتنظيم الإنتاج الزراعي. وطالب الشباب في خضم مساءلتهم إيجاد آلية للتواصل بين المزارع ووزارة الزراعة من خلال عقد لقاءات دورية للاطلاع على مشاكل المزارعين
وإيجاد حلول لهم، كما طالب الشباب بتفعيل الدور الرقابي لوزارة الزراعة على أسعار المنتجات الزراعية المتذبذبة، والمشاتل، والمبيدات الحشرية، واحتكار استيرادها وحماية حقوق المستهلك والبيئة.
وفي جلسات أخرى، طرق الشباب جدران الخزان مسائلين حول قضايا تخص الرقابة على ملف استيراد المواشي (الكوتا)، إضافة الى التحديات التي تعيق تعويض المزارعين من قبل صندوق درء المخاطر، وعن حجم الإنجاز في استصلاح الأراضي، وأسباب تأخر دفع المستردات الضريبية للمزارعين، والتحديات في معالجة الاشكاليات التي يتعرض لها المزارعين في منطقة الاغوار، ومدى اهتمام صندوق التشغيل الفلسطيني بدعم المشاريع الريادية الزراعية، ومدى إنفاذ خطة الوزارة بتشجيع التعليم الزراعي في المدارس، ومدى توفر تخصصات زراعية في الجامعات الفلسطينية، وعن الأعمال التي أنجزت من قبل مؤسسة الإقراض الزراعي لدعم المزارعين، ودعم صمود المزارعين خلف الجدار وحماية حقوقهم في جيوس، إضافة الى تسوية الأراضي، والمساءلة حول الجمارك والضرائب التي تفرض على تصنيع الدخان في يعبد، وقضية تباين أسعار مياه الآبار، والرقابة على معاصر الزيتون، ومعايير سعر تخمين الأراضي.
جلسات المساءلة المجتمعية في القطاع
أما بالنسبة لجلسات المساءلة التي عقدت في غزة، فقد تناولت موضوع الرقابة على أداء الإدارة العامة للمحررات الزراعية في قطاع غزة، وسياسة الصيد الجائر وأثره على الثروة السمكية في بحر قطاع غزة، الرقابة على أسعار المنتجات الزراعية، الضرائب العينية والمادية التي يتم فرضها على الصيادين، مدى انفاذ خطة وزارة الزراعة للعام 2019، دور حماية المستهلك في الرقابة على توزيع مياه الري للمزارعين، اجراءات المعيقات التي تقف حيال معالجة الشكاوى في وزارة الزراعة، واقع الرقابة على استخدام الأسمدة والمبيدات الزراعية في قطاع غزة، التعويضات للمزارعين (ملف الخسائر بعد عدوان 2014)، وأخيرا تأثير تلوث مياه البحر على الثروة السمكية والصحة العامة.
وقد تعددت توصيات الشباب مطالبة بالتزام وزارة الزراعة بنشر الخطة السنوية لتطوير قطاع المواشي في قطاع غزة، والتزامها بالإفصاح عن حجم الإيرادات من الضرائب المفروضة على استيراد المواشي، وتكثيف حملات وجولات وزارة الزراعية للتفتيش والرقابة على الزراعة في أراضي المحررات الزراعية، والتزام الوزارة بإعداد ونشر تقرير سنوي كمي وكيفي حول الشكاوى التي تم استقبالها والتعامل معها والشكاوى التي لم يتم التعامل معها.
وتأتي جلسات المساءلة ايماناً من شارك وائتلاف أمان بضرورة انخراط قطاعات وشرائح المجتمع الفلسطيني كافة- وبالأخص الشباب- في جهود مكافحة الفساد والرقابة على المال والشأن العام وتعزيز وإشاعة المساءلة المجتمعية، ورفع وعيهم حول الواقع الذي يعيشونه، وأهمية تمكينهم من المهارة والمعلومة لقيادة حراك مجتمعي قادر على التغيير والتأثير للافضل من اجل التحسين على الواقع الفلسطيني بما يصب في
خدمة كافة القطاعات ومنها الشباب، وذلك في ظل غياب المجلس التشريعي، وضعف منظومة المساءلة والمحاسبة والرقابة الرسمية والمحاسبة على إدارة الشأن العام.
وقد قام منتدى شارك الشبابي وبالتعاون والشراكة مع ائتلاف أمان بتدريب الشباب من خلال سلسلة من التدريبات واللقاءات المكثفة في كل من الضفة وغزة على مبادئ النزاهة وقيم الشفافية ونظم المساءلة المجتمعية انتقالا من الاطار النظري ليتمكنوا من ترجمة ما تلقوه الى الحيز التطبيقي، وذلك إبان مشاركتهم في مدرسة النزاهة. وقد شارك في الجلسات عشرات المزراعين والناشطين في الأغوار، وممثلين عن بعض المؤسسات الأهلية التي تعنى بالقطاع الزراعي.
والجدير ذكره أن جلسات المساءلة المجتمعية سيتبعها متابعة للالتزامات والتوصيات والمطالب التي تعهد بها المسؤولين بهدف النهوض والتحسين على واقع القطاع الزراعي.