اقتصادالعامة

أزمة اقتصادية مفتعلة في القدس هدفها خدمة عملية التهويد

تعج أسواق البلدة القديمة من القدس بالسياح الأجانب القادمين من أنحاء مختلفة من أوروبا، رغم الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ويتمركز تواجدهم على وجه الخصوص في منطقة طريق أو درب الألم، حيث سار السيد المسيح له المجد، ويذرف المحتشدون وهم يلمسون الجدران ويتبركون منها، الدموع على بلاط المكان الذي سار فيه “ثائر فلسطين الأول”، حاملا صليبه ورافضا الاستسلام لمعذبيه.

غير أن التجار في البلدة القديمة على وجه الخصوص، وفي القدس بشكل عام، يشكون ركود الحركة الشرائية وفي المقابل يبدون تذمرا كبيرا من ملاحقة الضرائب الاسرائيلية لهم، مؤكدين أن الهدف من ذلك سياسي وهو افراغ البلدة وتهويدها.

ويقول أحد التجار دون الافصاح عن هويته: “نفتح أبواب محالنا من الصباح الباكر ومع غروب الشمس نقفل، وفي معظم الأيام لا يكفي دخل المحل الواحد الضريبة وفواتير المياه والكهرباء والهاتف،غير أنه لا يوجد أمامنا إلا الصمود في مواقعنا فهذه القدس، اذا لم نحميها نحن فمن الذي سيقف في وجه من يحاولون تفريغها واحلال المستوطنين مكاننا؟”.

ويقول تاجر آخر يبيع اللحوم، إن الحركة الشرائية شحيحة جدا وخاصة بعد أن منعت البلدية بالتعاون مع الشرطة الاسرائيلية وصول السيارات المخصصة لنقل البضائع إلى خارج البلدة من دخولها، ما ادى إلى انخفاض نسبة البيع بشكل كبير، حيث أن المتسوقين لا يستطيعون نقل بضائعهم سيرا على الأقدام وخاصة إلى الأماكن البعيدة.

وفي السياق ذاته، يرى زائر القدس، منطقة المصرارة تزخر نوعا ما بالحركة والسبب في ذلك يقول احد تجار المنطقة، انها مكان لتجمع الأيدي العاملة وبالتالي هم من ينشطون الحركة الشرائية في معظم المحال سواء المطاعم أو البقالات أو حتى عربات الكعك المقدسي وبسطات الشواء وغيرها، موضحا أن ملاحقة سلطات الضرائب الاسرائيلية للتجار انهكتهم وضربت الاقتصاد الفلسطيني في القدس في مقتل.

تفريغ من أجل التهويد ،،

وتحليلا للواقع الاقتصادي المعاش في المدينة المقدسة يرى حجازي الرشق رئيس لجنة تجار القدس، أن إسرائيل تتعمد ضرب الحركة التجارية وخاصة في البلدة القديمة، مستخدمة القوانين الجبرية كحجة لها لتفريغ المدينة وبالتالي تهويدها وهذا هدف سياسي اكثر منه اقتصاديا.

ويضيف الرشق، ان السلطات الاسرائيلية تعمل على تدمير الحركة التجارية في البلدة القديمة وهي تنجح في ذلك، من خلال عدة اجراءات منها منع السيارات والتراكتورات والدراجات وما يعرف ب” التكتك” من دخول أسواق البلدة لنقل البضائع أو كبار السن والمرضى وخاصة من السياح الاجانب الذين لا يقوون على الحركة، موضحا أن ما يرمي اليه الاحتلال من وراء ذلك، منع الناس بشتى الوانهم ومشاربهم من الوصول إلى البلدة وجعلها في المقابل مسرحا للمستوطنين.

أضف إلى ذلك يتابع الرشق، قيام اسرائيل بضرب الحركة السياحية لان بعض السياح كبار السن والمرضى يستخدمون “التكتك” وبدونه لا يستطيعون التحرك، الأمر الذي يبعدهم عن البلدة ويبقيهم في المناطق التي يفرضها عليهم الدليل السياحي الاسرائيلي، وهذا ينسحب ايضا على المواطن المقدسي الذي يشتري بضائعه من البلدة، إذ لا يستطيع نقلها إلى الخارج مع انعدام وسائل النقل.

صمود رغم المضايقات والملاحقة ،،

ويؤكد الرشق الذي يعمل في المجال الاقتصادي منذ ما يزيد على “٤٠ عاما”، ان اسرائيل تضيق الخناق على التجار من خلال الملاحقات الضريبية سواء من قبل من البلدية أو عبر المداهمات من كافة المؤسسات الاسرائيلية سواء ضريبة الدخل أو الصحة أو البيئة أو ضريبة القيمة المضافة وغيرها، بهدف ضرب الحركة التجارية، والتي تتزامن مع منع وقوف السيارات حول المدينة وبجانب الارصفة وعدم توفير مواقف للسيارات وإن وجدت تكون باهظة الثمن. وفي الوقت نفسه ممكن أن يذهب المتسوق إلى أي مجمع تجاري اسرائيلي حيث يجد فيه كل وسائل الراحة، وهذا عمل مقصود وممنهج يرمي إلى افراغ الاسواق الفلسطينية وفي المقابل تنشيط وتعزيز الحركة في نظيرتها الاسرائيلية.

السياحة نشيطة ولكن ؟،،

وعن الحركة السياحية في المدينة،لا يخفي الرشق انها بدأت تنشط مع بدء الاعياد المسيحية، ولكنها ليست كما نريد وفق ما يقول، وذلك بسبب الظروف الاقليمية التي اعقبت الجائحة “الحرب بين اوكرانيا وروسيا” مما قلل من اعداد الافواج السياحية التي تأتي إلى القدس. وفي حال وصولها فإنها تأتي عن طريق وكلاء سياحة اسرائيليين وبالتالي الدليل السايحي الاسرائيلي الموجه من الحكومة يقدم للسياح برنامجا يضع فيه القدس في البند الأخير .

جيوب فارغة !!

ويتابع الرشق شارحا: يقوم هذا الدليل بمرافقة السائحين إلى الناصرة وطبريا والبحر الميت وتل ابيب ويافا وفي آخر يوم للزيارة يأتي إلى القدس، حيث تكون جيوب السياح فارغة وبالتالي فإنهم لا يشترون من البلدة القديمة أو اسواق المدينة بشكل عام، وتكاد نسبة مشترياتهم تصل حد الصفر، ضف على ذلك التحريض على المقدسيين من قبل الدليل الاسرائيلي للسياح الأجانب، من لحظة الصعود في الحافلة حتى لحظة انتهاء الزيارة، حيث يتم تحذيرهم من التعرض لمضايقات او اعتداءات او تحرشات وخلاف ذلك، والهدف هو تشويه صورة المقدسي وشيطنته مما يعكر نفوس السياح الذين يكتشفون في خضم زيارتهم للبلدة القديمة عكس ما يزعمه الدليل الاسرائيلي، حيث يجدون الترحاب والاحترام والضيافة والمساعدة من قبل المقدسيين شيبا وشبانا.

مردود السياحة الاسلامية ،،،

وحول ذلك تحدث الرشق عن حملة “شد الرحال إلى القدس”، شاكرا اللواء بلال النتشة على اطلاق هذه الحملة قبل سنوات، مؤكدًا أن لها مردود عملي على الحركة التجارية في المدينة المقدسة بشكل عام، وخاصة من قبل السياح الاتراك وذلك رغم أن معظم البضائع في الاسواق المقدسية يتم جلبها من تركيا، إلا انهم يدعمون الاقتصاد الفلسطيني من خلال اقبالهم على الشراء من محلات مختلفة وخاصة ” محلات بيع التحف والهدايا وكل ما هو مختلف عما هو موجود في بلادهم.”

وتطرق الرشق أخيرًا إلى ما يعرف ب”سوق كاردو” اليهودي الذي افتتح في حارة “الشرف”، وهو سوق مواز لسوق الباشورة، حيث أن كل محتوياته فلسطينية الصناعة والهوية ولكنهم يروجونها للسياح على أنها يهودية وهو ما يندرج في اطار عملية التهويد للقدس التي تشمل معظم التراث الفلسطيني.

ومع ذلك شدد الرشق قائلا :”لن نرحل،نحن صامدون، باقون في مدينتنا، رغما عنهم، ونقول لهم: لدينا عنوانين: القدس كمدينة، أو مقبرتي الرحمة واليوسفية”.

نقلاً عن “القدس”دوت كوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى