أطلق نادي الأسير الفلسطيني، ووزارة التربية والتعليم، اليوم الأربعاء، حملة “40 ألف رسالة وفاء من طلبة فلسطين إلى عميد الأسرى كريم يونس”، وذلك من مدرسة بنات البيرة الثانوية الجديدة.
واعتُقل يونس، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة “فتح”، في 6 كانون الثاني/ يناير 1983، وأصدرت سلطات الاحتلال بحقه حكماً بالسجن المؤبد، الذي حدّد فيما بعد بـ40 عاما.
وداخل إحدى قاعات المدرسة، وزعت على الطالبات أوراق مسطرة فارغة، في تروسيتها صورة الأسير كريم يونس، لكتابة رسائلهن له تحت عنوان: “برقية تهنئة بالحرية لعميد أسرى فلسطين القائد المناضل كريم يونس”.
واستمعت الطالبات لمحاضرة قدمها الأسير المحرر لؤي المنسي، حول كريم يونس والحركة الأسيرة وظروف السجن والاعتقال، وفي البهو الخارجي كانت طالبات يرسمن صوراً لوجه وأخرى تعبيرية عن اعتقال الأطفال، وكانت أخرى تعزف على آلة العود وتردد أغاني وطنية.
الطالبة ليان علي، قالت إنها كانت تسمع كثيرا عن الأسير كريم يونس، ورغبت بالمشاركة في كتابة رسالة له أشارت فيها إلى أنها ستكون بمثابة الابنة له لأنه لم يتزوج ولم يرزق بأبناء.
وكتبت ليان أنها تتطلع بشوق كبير للقاء يونس بعد تحرره بعد عدة أيام، ليحكي لها عن معاناته في السجن، وتضحيته بحريته من أجل فلسطين.
أما الطالبة لين سعادة، فكانت كما تقول تشاهد صور الأسير كريم يونس إلى جانب صور القائد الشهيد ياسر عرفات، فأثار ذلك فضولها للبحث عن هذه الشخص، وراحت تقرأ وتسأل عنه وتعرف على تفاصيل تجربته الوطنية.
وذكرت لين أنها حاولت في رسالتها الموجهة للأسرى بشكل عام أن تترجم مشاعرها تجاههم، وتحثهم على الصبر وعدم اليأس، لأن الله معهم وأهاليهم كذلك، والشعب بأكمله لن يخذلهم لأنهم ضحوا من أجله.
الطالبة إنعام طحان، تعرف أن كريم يونس من أقدم الأسرى في سجون الاحتلال، وأمضى أربعين عاما من السجن فكتبت له: “يا بطلنا الثائر يا مربي الأجيال العظيمة، أنت لست مجرد إنسان يسجن بل أسطورة يفوق التاريخ احتواءها. في كل تجعيدة في وجهك الطاهر حكاية أسير، حكاية أمة، حكاية شعب. لقد ضحيت بعمرك من اجل رفع كلمة الحق لكي لا تسمح بمحتل ظالم باغتصاب وطنك”.
وسيقوم نادي الأسير ووزارة التربية والتعليم، باختيار أفضل 20 رسالة كتبها الطلاب من مدارس الوطن، وتسليمها للأسير كريم يونس في حفل استقباله الذي سيقام برام الله.
وخلال الفعالية التي حضرتها شخصيات سياسية وممثلين عن هيئات ومؤسسات الأسرى ومحررين، أوضح رئيس نادي الأسير، قدورة فارس، أنه تم اختيار يوم المعلم الفلسطيني لتدشين حملة رسائل الوفاء للأسير كريم يونس، الذي اعتقل قبل أن يكمل تعليمه الجامعي، إلا أنه دخل السجن مثقفا ومتعلما.
وأضاف، أن يونس كان يدرك أن الاحتلال سعى لتكون سجونه مقابر تنال من يقين وعزيمة وإيمان المناضلين، ويخرجوا منها منكسرين ويائسين ومحبطين، ومثقلين بالأمراض والهموم، ليكونوا عبرة للأجيال القادمة”.
إلا أنه، وحسب قدورة فارس، ارتأى أن الزنزانة يمكن أن تتحول لمساحة اشتباك مع العدو وميدانا للصراع، فكانت أولى المعارك التي خاضتها الحركة الأسيرة مع إدارة السجون داخل السجون، من أجل القلم والورقة والكتاب والتعليم، وصولاً إلى انتزاع حق الانتساب للجامعات.
وأكد رئيس نادي الأسير، أن سجون الاحتلال تحولت إلى مدارس ومعاهد ثورية، وكان كريم يونس كان واحداً من المعلمين الذين ضخوا من روحهم ووعيهم وتجربتهم في كل الأجيال التي كانت تؤم السجون، وعلموا على نشر الثقافة والعلم ورفع المستوى المعرفي للأسرى، إلى أن حملت الحركة الوطنية الأسيرة هذا الاسم وصارت جديرة بهذا المسمى المشبع بالمضامين.
وتابع فارس: “في 5 من الشهر القادم، ستستقبل بلدة عارة داخل مناطق الـ48، كريم يونس بعد تحرره بطلا ورمزاً، ورغم أن عصابة المجرمين العنصريين الفاشيين يتمنوا لو يخرج كريم محبطاً بعد 40 سنة من القهر والعذاب والجوع والبرد، إلا أنه سيرفع شارة النصر ويقول عاشت فلسطين حرة عربية”.
ومن المقرر الإفراج عن الأسير كريم يونس، يوم الخامس من كانون الثاني/ يناير 2023، بعد 4 عقود من الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأدرج كريم يونس كأحد أسرى الدفعة الأخيرة من قدامى الأسرى المعتقلين قبل اتفاقيات أوسلو، الذين طالبت القيادة الفلسطينية بالإفراج عنهم بموجب تفاهمات أبرمت مع إسرائيل، التي تنصلت من الالتزام بذلك.
وكانت تلك الدفعة تضم إلى جانب كريم يونس 29 أسيراً، م الأقدم في سجون الاحتلال، نحو نصفهم من مناطق الـ48.
وذكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، أن الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، عددهم 25 أسيراً، أقدمهم الأسيران كريم يونس، وماهر يونس المعتقلان بشكلٍ متواصل منذ عام 1983، وتنتهي محكوميتهما الشهر القادم.
وأوضح أن عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسّجن المؤبد وصل إلى 551 أسيراً، فيما بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 232 شهيداً، تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين 10 منهم، أقدمهم أنيس دولة من طولكرم، الذي اُستشهد في سجن عسقلان عام 1980.
وتطرق رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إلى الحالات المرضية في سجون الاحتلال ووصل عددهم إلى أكثر من 600 أسير، منهم 24 مصابون بالسرطان وبالأورام.
وأضاف: “في بداية العام الجاري كان في سجون الاحتلال 8 أسرى مصابون بالسرطان، والآن وصل العدد إلى 24، وهذا مرده عدم توفير العلاج من قبل إدارة السجون والإهمال الطبي المتعمد”.
وأشار في هذا السياق إلى أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين طالبت منظمة الصحة العالمية والامم المتحدة بإجراء فحص دوري للأسرى، مرة كل 6 أشهر، وهذا يساعد في الكشف عن الأمراض وعلاجها بشكل مبكر، إلا أن سلطات الاحتلال ترفض ذلك.
من جانبه، أكد الوكيل المساعد للشؤون التعليمية في وزارة التربية والتعليم ايوب عليان، أن التربية تشاطر الهيئات والوزارات الاخرى والشعب الفلسطيني الهموم الوطنية، من حيث ما يقترف من جرائم من قبل دولة الاحتلال.
وأوضح أن 151 طالبا و17 معلما معتقلون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب طلبة اثنين تفرض عليها سلطات الاحتلال الحبس المنزلي.
وتطرق عليان، إلى الحملة الشرسة التي تشنها إسرائيل على التعليم في القدس والمناهج الفلسطينية في مدارس المدينة، مشدداً على أن هذه الحملة بدأت منذ احتلال القدس عام 1967 وتصاعدت وصولاً إلى استلام غلاة المستوطنين زمام الأمور دولة الاحتلال.