نداء يقظة لسلاسل التوريد ما بعد كوفيد 19
كتب أيمن م. سنقرط: “يتناول الناس الحلويات بشكل أكبر لتحسين مزاجهم خلال الازمات” هذا ما قاله المورد لتسويق وبيع منتجاتهم لي.
حيث أن جميع الدول تخضع الآن للحجر الصحي، فقد اتجهت الطلبيات والمستهلكين حول العالم نحو تقنين الصفقات التجارية، وفي رأيي، فإن المرحلة ما بعد فايروس كورونا ستكون هي الاصعب.
إن الطلب العالمي اصبح أقل مقارنة بالسابق، وستسعى الشركات بإتخاذ اي إجرات ممكنة للعمل وفقاً لخططها ولافراغ مخزونها.
ستبدأ الشركات العالمية ببيع الطلبيات القائمة وإطلاق طلبيات الشحن من أجل ضمان استمرارية سير أعمالها، غير أن السعر مقابل العقود يبقى هو السؤال العالق؟! إذ ستحاول هذا الشركات لاحقاً استقطاب وقبول طلبيات جديدة مقابل ما لديها من باعة لضمان أفضل استغلال لمواردها؛ كالآلات، والقوة العاملة والبنية التحتية، والتدفق النقدي.
فمن جهة، ستعاني العديد من مكونات الانتاج من التضخم والنقص بسبب صعوبة الوصول اليها، والتقلبات في سوق القوى العاملة، والحاجز الكبير بين ما هو متنبأ به وما هو مخطط له في ظل الظروف الراهنة الغير متوقعة، نظراً للتغير الحاصل للطلب والعرض الى جانب التغيرات المناخية. وستتضرر قطاعات غذائية رئيسية، مثل قطاع الطماطم المستوردة من إيطاليا، وقطاع القمح المستورد من روسيا، وقطاع السكر المستورد من البرازيل. كما ستتأثر من جهة أخرى، بعض القطاعات الموسمية كالمواسم الدينية ومواسم العودة الى المدارس.
مع ذلك، فلا بد للاشارة الى نقطة هامة وهي ان العديد من الحكومات قد طلبت من الشركات القيام بالإنتاج لسوق بلادها فقط من اجل ضمان الإكتفاء الذاتي لشعوبها، ولكن هذا ايضاً سيبقى لفترة قصيرة محدودة حتى افراغ مخزونها، إذا أن التصدير هام للغاية لتلك الشركات، وبشكل خاص لحين استقرار معدل صرف العملات.
وكذلك بخصوص البترول مقابل اللوجستيات فهو ايضا مسألة هامة ستبقى عالقة، اذ انه قد يؤثر على الأسعار أما برفعها او خفضها، وهو ما يعتمد بالتأكيد على سياسات الشركات.
وسيواجه المستوردون والموزعون التحديات عينها ايضاً، ولكن المسألة الرئيسية التي ستدعم هذا الجزء من السلسة يتمثل في حصول البضائع على اسعار منظمة أكثر وربما أعلى، اذ أن جميع أطراف المنافسة محاصرون بدائرة النيران ذاتها.
والاهم من ذلك، هو الحديث عن العلاقة بين المستهلكين والمستهلكين النهائيين، ولا شك بأن منتجات الأغذية وغيرها ستبقى ضرورية وهامة لكل اسرة، وذلك انعكاساً لما تم تعلمه والتثقيف حول فايروس كورونا في جوانب مثل النظافة، والتخزين، والتي ساهمت في تغيير عادات المستهلك ايضاً، كاحتساء القهوة في المنزل بدل شرائها من المقاهي.
واستناداً الى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن بعض الاسعار سترتفع، ولكن في المقابل ستتغير احتياجات الناس ورغباتهم ولربما ستزداد. ومن وجهة نظري، سيستفيد تجار التجزأة كثيرا من المبيعات المتزايدة والتدفق النقدي المنظم.
ونظراً للتغير الذي سيحصل في مجالات العمل وسلوك المستهلكين بعد حرب فايروس كورونا، والتي ستكون بمثابة نداء يقظة لكافة العناصر في سلسلة التوريد. رغم ذلك، فإن العديد من تجار البيع بالتجزأة (الثانويين) سيواجهون فترة جمود وسيعجزون عن الاستمرار فيما بعد جراء هذه الاستراتيجية القائمة..!
الـتــوصـيـات:
- طرح مسألة الجمارك والاتفاقيات بين الدول
- يجب على السلطات والمؤسسات مراقبة السوق (الاسعار، الجودة، ومدة الصلاحية)
- على البنوك تقديم تسهيلات على القروض والقروض المبتكرة الجديدة لالخاصة بالأُسر.
- فيما يخص وسائل الاعلام و مزودوا الخدمات: التركيز على المعارض المحلية والدولية بشكل اكبر للحفاظ على الانسجام بين العرض والطلب ولتبادل الخبرات والمهارات، خاصة مع الشركات التي واجهت ظروفاً مشابهاً غير قابل للتنبؤ في الماضي، كالحروب وكوارث مشبهة، من خلال المنصات ولقاءات العمل المنظمة مسبقاً بين المشترين واصحاب المعارض.
- فيما يتعلق بالشركات وتجار البيع بالتجزأة: فعليهم التركيز على نشر اعلاناتهم في وسائل التواصل الاجتماعي (لضمان الولاء للعلامة التجارية الخاصة بمنتجاتهم وخدماتهم)، والانتقال بشكل رئيسي لوسائل الأعلام الرقمية في حال عدم توافرها. وبلاشك، يتوجب على تجار التجزأة الحفاظ على معايير النظافة وعلى البضائع المناسبة، والابقاء على الدوام على مخزون امن، والتركيز بشكل اكبر على المنتجات الصحية.
- يتعين على كل مؤسسة أو شركة الاستفادة من هذه الظروف واستغلالها في الاصلاحات الداخلية، وفي البحث والتطوير للحفاظ على التغيرات الحاصلة، و في الافكار الابداعية المبتكرة.
وفي الختام، فإنني أؤيد عن خبرة ودراية بالقول بأن معدل العولمة سيكون أقل في الفترة القصيرة ما بعد كورونا، ولكن على المدى الطويل فإن المؤسسات والاعمال التجارية العريقة ستحظى بفرصة افضل لتحقيق النمو. ويأتي هذا بالتأكيد عندما تحترم الشركات سلوكها التنظيمي أمام شركائها، كالموردين، والزبائن، والموظفين، والبنوك، و مسؤولياتها الاجتماعية، اذ يجب أن يكون النظام بأكمله متزامناً وصحياً للحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد بأقل خسائر ممكنة.
وأخيراً وليس آخراً، علينا تعلم الدروس وأخذ العبر، وليس ذلك بالضرورة بالعودة الى سابق عهدنا.