الأغوار- “إيلياء بوست”: يجهد مزارعو الشمام في سهل البقيعة من اجل ايجاد موطئ قدم لهم في السوق الفلسطيني، بعكس الشمام الآتي من المستوطنات ومن داخل الخط الاخضر بطرق غير شرعية، والذي يجد له طرقا ممهدة.
وتقدر المساحة المزروعة بالشمام في سهل البقيعة في طوباس بما يتراوح بين 700-800 دونم، ويخشى المزارعون من أن يكون هذا العام هو الاخير الذي يزرعون فيه الشمام في هذه المنطقة التي يسيل لها لعاب المستوطنين.
عبد الناصر عبد الرازق وشقيقه من بين هؤلاء المزارعين، والذين يشتكون من غياب الحماية لمنتجهم الوطني.
يقول عبد الرازق ان الشمام الاسرائيلي يجد طريقه بسهولة الى الاسواق الفلسطينية، برغم المنع المعلن من جانب وزارة الزراعة والضابطة الجمركية.
ويضيف مستغربا: “الشمام الاسرائيلي يملا الاسواق، والجهات الرقابية التي تستطيع ضبط بضاعة مهربة في سيارة خاصة، تقف عاجزة عن ضبط شاحنة شمام طولها 20 مترا”.
ويشير الى ان زراعة البطيخ والشمام في البقيعة جاء قبل سنوات بتوجيه من وزارة الزراعة بهدف الاستغناء عن المنتجات الاسرائيلية.
ويضيف: “بعد أن سرنا بهذا المجال ووضعنا كل استثماراتنا فيه، رفعت الوزارة ايديها، فلا هي حمت السوق، ولا عوضتنا عن خسائرنا”.
ويشير الى ان اجراءات وزارة الزراعة لمواجهة البضائع الاسرائيلية كان مفعولها معاكسا، ولم يتضرر منها سوى المزارع الفلسطيني.
ويقول: “طلبوا منا الحصول على تصاريح لتسويق منتاجتنا حتى يسهل عليهم ضبط المنتجات الاسرائيلية، لكن فعليا نحن نتكبد مشاق وتكاليف استصدار هذه التصاريح، بينما بقيت المنتجات الاسرائيلية تدخل اسواقنا بلا حسيب او رقيب”.
وبدأ الاخوان عبد الرازق بالعمل في سهل البقيعة منذ العام 2010 وكان ارضا قاحلة مهددة بالاستيطان.
ويقول عبد الرازق أنه كان اول من عمل على استصلاح تلك الاراضي في تلك الفترة ولا زال يدفع ثمن ذلك حتى الان بحرمانه من كافة اشكال الدعم الذي حصل عليه غيره من مؤسسات مانحة دولية مثل USAID.
كما حرم من التعويضات التي أقرتها وزارة الزراعة للمزارعين عن الخسائر الناجمة عن الصقيع والاحوال الجوية عامي 2014 و2015.
ويقول أنه قام بتمديد خط مياه من الفارعة وحتى البقيعة بطول 25 كلم بكلفة اجمالية فاقت المليوني شيكل، ولم ينته حتى الان من تسديد كافة الديون التي ترتبت عليه، بسبب استمرار الخسائر.
ويبين أن الاحتلال يمنعه من حفر بئر في سهل البقيعة، ولا زالت هناك قضايا في المحاكم الاسرائيلية بسبب خط المياه.
كما يتعرض باستمرار لاعتداءات الاحتلال بمصادرة الجرارات والمعدات الزراعية أثناء عملها.
ومنذ سنوات يزرع عبد الرازق البطيخ والشمام، على امل تحقيق ارباح مجزية، لكن النتائج غير مبشرة حتى الان.
ويقول أنه سبق أن زرع الشمام قبل عدة سنوات، لكنه تحول لزراعة البطيخ، وبعد سنتين من تحقيق الخسائر، عاد في العام الماضي لزراعة الشمام، وكانت الاسعار معقولة، وهو ما شجعه على تكرار التجربة هذا العام.
ويضيف: “قبل أن نبدأ بقطف الشمام هذا العام كانت كرتونة الشمام تباع بسعر 30 شيكلا، وبمجرد أن بدأنا بالقطف، انخفض السعر الى 20 شيكلا مرة واحدة في اول يوم، ثم استمر السعر بالانخفاض الى ان وصل الان الى ما بين 8-10 شواكل.
وتحتوي الكرتونة الواحدة على 4-6 حبات من الشمام، ويبلغ وزنها قرابة 16 كغم.
ويؤكد انهم يتعرضون لحرب شرسة من المزارعين الاسرائيليين بتواطؤ من بعض الوسطاء والتجار الفلسطينيين، من اجل اخراجهم من السوق، ودفعهم للتوقف عن زراعة الشمام والبطيخ.
ويقول: “يتعمد المزارعون الاسرائيليون المضاربة على الاسعار خلال موسم الشمام الفلسطيني الذي يستمر اسبوعا واحدا، وبعدها تعود الاسعار للارتفاع مجددا”.
ويشير الى ان الاسرائيليين يعتبرون البطيخ والشمام سلعا استراتيجية، نظرا لحاجتها لعدد قليل من الايدي العاملة، ولهذا فهم يسعون بكل قوة لاخراج المنافس الفلسطيني من هذا السوق.
ويعبر عن اسفه لأن بعض الوسطاء والتجار في اسواق الخضار الفلسطينية يعطون الاولوية لتصريف المنتج الاسرائيلي نظرا للعمولة التي تنتظرهم.
ويشير الى معاناة المزارعين الفلسطينيين من “عُقدة الاسرائيلي” التي تلازم التجار والمستهلكين، والتي تعني تفضيل المنتج الاسرائيلي، رغم أن المنتج الفلسطيني من البطيخ والشمام أعلى جودة.
ونتيجة لذلك، يضطر المزارعون لاستعمال كراتين اسرائيلية تحمل كتابة عبرية، لكي يسهل عليهم ترويج منتجاتهم في الاسواق الفلسطينية.
ويلفت الى ان المزارعين الاسرائيليين لديهم قدرة كبيرة على التلاعب بالاسعار لضرب المزارع الفلسطيني، وسبب ذلك هو التسهيلات التي يحصلون عليها.
ومن تلك التسهيلات، اسعار المياه الزهيدة مقارنة باسعار المياه للمزارع الفلسطيني، علما أنهم يعتمدون على المياه المعالجة، بالاضافة الى الدعم الحكومي الكبير الذي يغطي 60% من تكاليف الدواء، والتعويضات التي يحصلون عليها عند الخسارة والتي تتضمن هامش ربح.
ويؤكد عبد الرزاق ان تكلفة زراعة الدونم الواحد تبلغ قرابة 3500 شيكل، في حين ان العائد هو 2000 شيكل، وان استمرار هذا الحال سيضطره في السنوات القادمة الى خفض المساحة المزروعة بالشمام.
ويطالب عبد الرزاق وزارة الزراعة بتوفير الحماية الحقيقية للمنتجات الفلسطينية، وبصرف التعويضات للمزارعين.
ويقول ان مديرية زراعة طوباس قدرت الخسائر التي تعرض لها هو وشقيقه عام 2014 بمبلغ مليون و150 الف شيكل، وفي عام 2015 بمبلغ 550 الف شيكل، لكنه اكتشف بعد مدة أن اسمه قد سقط من قوائم المستفيدين من تلك التعويضات.
ويضيف أنه تقدم بكتاب الى وزير الزراعة في الحكومة الجديدة رياض العطاري، وانه يتوسم خيرا بأن يتم صرف التعويضات له.
غسان الكتوت- القدس دوت كوم