“ورد غزة” من صالات الأفراح إلى أفواه المواشي
بعد انتظار دام 8 شهور، كان يرقب فيها المزارع ماهر أبو دقة من خانيونس جنوب قطاع غزة، ورده لحظة بلحظة، ينتظر نمو براعمها بفارغ الصبر، يرعاها وكأنها واحدة من أبنائه، حتى حان وقت القطاف، فاضطر حينها لقطف أزهاره وإلقائها في القمامة!
يروي المزارع أبو دقة تفاصيل مأساته بحرقة، فلطالما اعتاد أن يقطف زهوره ويبيعها لمحال الأزهار لتزين سيارات وصالات الأفراح، لكن وباء كورونا الذي منع انعقاد الأفراح والاحتفال بالمناسبات السعيدة منها والحزينة، أودى بآلاف الزهور في غزة إلى حاويات القمامة أو أفواه الماشية.
آثار نفسية ومادية انعكست على أبو دقة بعدما فقد محصوله الذي كان مصدرا لرزقه، يعيل من خلاله عائلته، بعد خسارته لآلاف الورود في مشتله.
يقول ” بدأنا بزراعة الورد في شهري سبتمبر وأكتوبر على أمل أن نقطفهم في شهري مارس وإبريل لكنها تفاجأنا بإعلان حالة الطوارئ بعد انتشار وباء كورونا”.
ويبين أبو دقه أنه جرى إتلاف كل أنواع الزهور بسبب قلة التسويق، وأن ما زاد خسارته فداحة هو أنه ملتزم بدفع أجور الأيدي العاملة التي كانت طيلة تلك الشهور تعمل معه، إلى جانب التزامه بدفع فواتير الماء والكهرباء والأسمدة والمبيدات الحشرية.
ويتابع ” كنت أستعين بثمانية عمال خلال الأيام العادية لكني اضطررت لتسريح نصفهم، والنصف الآخر يتم استدعاؤه وقت الحاجة كي لا يتحمل مزيدا من النفقات والخسائر”.
5 آلاف وردة تتلف يوميا في مزرعة أبو دقة من أصناف متعددة منها الجوري واللافندر والفل والياسمين، بعد ثمانية أشهر من الانتظار.
معاناة مزارعي الورد في القطاع لن تكن وليدة اللحظة بسبب انتشار كورونا، فالحصار الإسرائيلي المستمر منذ 14 عاما حرمهم من تصدير وتسويق ورودهم إلى أوروبا.
ويضيف أبو دقة ” منذ سنوات نعاني من وباء الاحتلال والحصار، وها هو كورونا يزيد ويضاعف معاناتنا وخسارتنا مرة أخرى”.
ويتساءل كيف لي أن أعيش حياة كريمة وأؤمن لأسرتي متطلباتها في ظل الخسارات المتلاحقة التي أتعرض لها أنا وباقي المزارعين؟”
ويناشد أبو دقة المسؤولين كافة بمساندة ودعم المزارعين بشكل عام ومزارعي الورود على وجه الخصوص، لاسيما أن جلهم أتلف مجبرا محصوله بشكل كامل وتكبد خسائر جمة.
أما أبو محمد حجازي صاحب مشتل للورد في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فلم يختلف حالة عن سابقه، فهو الآخر اضطر للتضحية بآلاف الورد، بعد عجزه عن تسويقها بسبب إجراءات الطوارئ ومنع الحفلات وإغلاق صالات الأفراح.
حجازي الذي تمسك بزراعة الورد بالرغم من أنه يعلم حجم المخاطرة والمجازفة التي من الممكن أني يتعرض لها، في ظل إغلاق الاحتلال للمعابر ومنع تصدير، وصعوبة تسويقه في الأسواق المحلية، يقول “مارست زراعة الورد منذ أكثر من 15 عاما ومن الصعب علي أن أتخلى عن هذه المهمة”.
وبالرغم من الصعوبات التي يواجهونها مزارعو الورد في قطاع غزة، إلا أنهم متمسكون بتلك المهنة، ويصرون على تخصيص مساحة لا بأس بها من أراضيهم، مع علمهم بأن زراعة الخضراوات باتت مجدية بشكل أكبر.
وفرضت الحكومة الفلسطينية حالة الطوارئ في 5 من مارس 2020، حيث أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مرسوماً رئاسياً، بإعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة شهر، لمواجهة فيروس “كورونا”.
المصدر: “سند”