الاعلان عن جائزة محمود درويش 2020 لشومسكي واللعبي وزكريا محمد
منحت للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، والشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد.
أعلنت مؤسسة محمود درويش، اليوم الأحد، في ذكرى ميلاد الشاعر درويش، يوم الثقافة الوطنية، الذي يصادف الثالث عشر من آذار من كل عام، منح كل من المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، والشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد، جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع في دورتها الحادية عشرة للعام 2020.
وقالت المؤسسة في بيان صحافي، اليوم: إن لجنة الجائزة في ختام مداولاتها برئاسة محمد برّادة، وعضوية كل من: رياض كامل، واعتدال عثمان، والمنصف الوهايبي، وإبراهيم أبو هشهش، وإلياس فركوح، وعادلة العايدي، قررت منحها هذا العام لنعوم تشومسكي، وعبد اللطيف اللعبي، وزكريا محمد، مضيفة أن المجلس التنفيذي للمؤسسة منح جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع.
وفي هذه المناسبة، أكدت مؤسسة محمود درويش في بيان صحافي، اليوم الأحد، أهمية دور المبدعين فلسطينياً وعربياً وعالمياً بإعلاء صوت الحرية والتحرر والكرامة والعدالة ومواجهة الظلم والاستبداد والعنصرية، وذلك انحيازاً للرسالة التي كرّس محمود درويش حياته وإبداعه من أجلها.
وأضافت المؤسسة في بيانها: “لذلك، ارتأت مؤسسة محمود درويش، منذ انطلاقها، ألا تقتصر الجائزة على المبدعين الفلسطينيين فقط، وأن تشمل أيضاً المبدعين العرب والعالميين، انحيازاً لفكر محمود درويش الإنساني وإصراره على تعميم قِيَم الحياة النبيلة في مواجهة العنصرية والتعصب وثقافة الاستبداد”.
وفي معرض تفسير لجنة الجائزة لمسوغات منحها هذه الجوائز أشارت إلى ما يلي:
أولاً: المفكر العالمي نعوم تشومسكي، الذي يُعدّ الأب لعلم اللسانيات الحديث وصاحب نظرية “النحو التوليدي”، واشتهر بشجاعته وعناده في الدفاع عن حرية الإنسان وكرامته في وجه الظلم والاستبداد، وعلى الأخص موقفه المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومواقفه المبدئية التقدميّة، ضد الاستبداد والعنصرية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من رسالته الإنسانية العامة.
ثانياً: الشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، الذي يقدمُ مـساره صورةً قـويةً عن حضور الشاعـر داخل مجتمعه، وعن الشعـر مُحاوراً لـلآخـر، ومُسائلاً باستمرار لـذاته وتحولاتها في خضم عالمٍ يـفتقر إلى السلام والأُخوة، كما كان من أوائل مَن ترجموا للشاعر الكبير محمود درويش ولآخرين.
ثالثاً: الشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد، الذي يُعد من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، ووصل بالنص الشعري، وبخاصة قصيدة النثر، إلى آفاق جديدة، وتحمل نصوصه الشعرية والنثرية بُعداً أنطولوجياً وجودياً فريداً، يقع سؤال الموت والحياة في بؤرته الأساسية، ويمثل استعارته الكبرى.
وقد منحت المؤسسة جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع الذي تُقدم تجربته نموذجاً إبداعياً يتمتع بالفرادة والعمق، يتواءم فيها البناء الغنائي المحكم المعتمد على بنيةٍ إيقاعيةٍ صافية، والتركيب الحداثي للصورة والمشهديات المنفتحة على قضايا الراهن المَعيش، ولما تمثله هذه التجربة من انحيازٍ شجاعٍ لهموم شعبه في لبنان وتطلعاته، وما عبرت عنه من التزامٍ عميقٍ بنضال الشعب الفلسطيني كقيمةٍ وطنيةٍ وإنسانيةٍ وأخلاقية.
وتألفت لجنة الجائزة من كلٍّ من: الأستاذ الدكتور محمد برادة رئيساً، وعضوية: الدكتور رياض كامل، والدكتورة اعتدال عثمان، والدكتور المنصف الوهايبي، والدكتور إبراهيم أبو هشهش، وإلياس فركوح والدكتورة عادلة العايدي.
وفي ما يلي مسوغات منح الجائزة، كما نشرتها مؤسسة محمود درويش:
مسوغات منح جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع للعام 2020
نعوم تشومسكي:
يُعَد العالم اللغوي والمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي من أبرز مثقفي العالم، وأوسعهم انتشاراً وأكثرهم شهرة، ليس فقط بسبب أفكاره اللغوية الثورية، ولكن أيضاً بسبب مواقفه الداعمة للكثير من القضايا الإنسانية العادلة، وعلى الأخص موقفه المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومواقفه المبدئية التقدميّة، ضد الاستبداد والعنصرية على المستوى العالمي.
يوصَف تشومسكي بأنه “أبو اللسانيات الحديث”، وصاحب نظرية “النحو التوليدي” التي تُعد أهمَّ إسهامٍ في مجال النظريات اللغوية في القرن العشرين، كما يعتبر منشئ نظرية “تسلسل تشومسكي” الخاصة بالتحليل اللغوي. أما في المجال السياسي، فاهتم تشومسكي مبكراً بالفلسفة الفوضوية، وتوسَّع في انتقاد الرأسمالية الليبرالية أو ما يسميه “الليبرالية المتوحشة”، ولذلك فإنه لا يتردد في وصف نفسه بـ”النقابي الفوضوي” و”الليبرالي الاشتراكي” .
شكَّل مع رفيق دربه المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد فريقاً ثنائياً أخذ على عاتقه الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني على المنابر الأكاديمية والفكرية، وقدّما أروع المواقف في نقد الصهيونية ومخططاتها الاستعمارية، مقدمَيْن بذلك أمثلةً حيةً على أهمية القلم والفكر ودورهما في تغيير ما تعجز عنه أسلحة الدمار.
حصل تشومسكي على العديد من الجوائز والأوسمة، وله أكثر من مئة كتاب حول اللغة ووسائل الإعلام والسياسة والحروب، من أهمها كتابٌ صدر عام 1966 بعنوان “مواضيع في نظرية القواعد التوليدية”، و”اللغة والعقل” عام 1968، فيما أصدر عام 1969 أول كتاب سياسي بعنوان “سلطة أمريكا والبيروقراطيون الجدد”، إضافة إلى كتبه: “حياة منشق”، و”الحادي عشر من سبتمبر”، و”هيمنة الإعلام”، و”القوة والإرهاب”، وغيرها الكثير.
لكل ذلك فإن لجنة جائزة محمود درويش ترى في منحه هذه الجائزة استحقاقاً مسوّغاً في ذاته.
عـبد اللطيف اللعبي:
منـذ مطـلع شبابه، تـعـلَّـق قـلبُ عبد اللطيف اللّـعبي بالشعر وبمُـمارسة الحرية: الشعر لاستكشافِ ما يـنطوي عليه العالمُ مـن حقائق وأسـرار، والحـرية لـبَـلوَرةِ ما تُـخـبّـئه الذاتُ مِنْ رَغـبات واشتـهاءاتٍ وطموحٍ إلى التحقق وتــأكيـدِ الـوجود.
كـان في العشرين من عـمره، وهو بـعدُ طالبٌ بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط، عـنـدمـا شـارك في تأسيس المسـرح الجامعي، لـتـقديم نصوصٍ طلائعية تـمْـتَــح مِـن موضوعاتٍ حيوية، مُساوقةٍ لــتطلعات الشباب. كانتْ قـد مضتْ بضعُ سنواتٍ على استقلال المغرب، والأسئـلة الطازجة لا تــــزالُ تبحـث عن طـريقها في مجالات السياسة والأدب والـفـنون، والصـراعُ يـنـتقل من مرحلة النضال الوطني إلى بـناء الدولة الحديـثة وإرسـاءِ مـؤسّـسات التـدبيـر الديمقراطي… وسرعان ما اهـتدى عبد اللطيف ورفاقه إلى تأسيس مجلة “أنفاس” باللغة الفرنسية أولاً، ثم باللغة العربية، لتكون مرصداً للتحولات وصوتاً جهـيـراً يُـبشـر بمستقبلٍ يُـعانق أسئلة التـغـيـير، وحماية حـرية المواطن والمجتمع.
كـان الصراعُ على أشــدّه بـين الـقـوى الـتقدّمية ومـؤسـسات دولة الـمــخزن الـعتيقة؛ وكان لا بُـدّ من صـراعٍ مُحـتدِمٍ وتضحياتٍ أدّى ثمنها أنصارُ الديمقراطية. وقـد دفع اللعبي ثمن جسارته وتـشـبّـثـه بالحرية ثــمـانيَ سـنواتٍ من عـمره، هـو ورفـاقُـه، اسـتـطاع خلالها أن يـلتــجئ إلى رِحاب الشـعر والكتابة، لِــيُـبـلور ما عـاشـه في زَحْــمَـةِ الأحداث ومـرحلة النـضال. كان السـجـن بالنسبة إليْه اســتـراحـةَ المحارب وفـرصةً لاستـكمال النضج الشعري والـفكـري. بعد مغادرة السجن، تابَـع اللّـعبي مـسارهُ الإبداعي والفكري والسياسي بـإصــرارٍ ورؤيةٍ ناضجة. وسـرعـانَ ما وجدتْ إبـداعاتهُ الـصدى الذي تستـحقـه، وتـواتــرتْ عـليه الجوائـزُ الأدبية من أقطارٍ وجـهاتٍ شــتّـى، نـخصّ بالذكـر منها:
جائزة الـحرية من نـادي القلم بـفرنسا، ســنة 1980 .
جـائزة الـشعر من مدينة بـروكسل، سنة 1999.
جائزة كونكـور للشعر الفرنسية، سنة 2009.
الجائـزة العالمية للشـعر لمدينة مـكسيـكو، سنة 2017.
وإذا كانت الجوائز تـعتـرف بجوانب من قيـمة الـمبدع، وتُـسعـفُ في انتشار أعماله، فإن عبد اللطيـف ظلّ يُـردّد أنّ “كــلّ مـا يـتبـقّـى لـلإنسان هو الشـعر، يُـطالب من خلاله بكـرامتــه”.
لـكنْ، إلى جانب كتابة الشعر والرواية والتأملات، استطاع اللّـعبي أن يـمدّ جـسْـراً بين شعراء كتبوا بالعربية وجمهورٍ مُحـتـملٍ يقـرأ الفرنسية. فـكان أولَ مَـنْ تـرجم لمحمود درويش، ثم لشعراء وشاعرات آخـرين مـــن فلسطين وأقطارٍ عربيةٍ أُخـرى. الآن، يُتابع عبد اللطيف رحـلته الحياتية بـرفـقةِ زوجته الروائية جوسلين، وهمـا مـعاً حـريصان على ألاّ تـضيع الـقيَـمُ التي اسـتـمـدّا منها العزيمة َوالـضوءَ. وهذا ما جعلهما يُدشّنان سنة 2015 “مـؤسسة اللّـعبي للثقافة”؛ كيْ تُجـسّد الثقافةً في اعـتـبارها رافعاً أساسيا من أجل تقدّم المجتمع وبناء الديمقراطية والانـفتاح على الكـونية…
من خلال كل ذلك، يقدمُ مـسارُ اللعبي صورةً قـويةً عن حضور الشاعـر داخل مجتمعه، وعن الشعـر مُحاوراً لـلآخـر، ومُسائلاً باستمرارٍ لـذاته وتحولاتها في خضم عالمٍ يـفتقر إلى السلام والأُخوة: “أيها السلام/ امدُدْ يـدكَ/ امنحنا وقتاً نتعلم فيه من جديد/ كلمــاتِ الحنان/ وإشاراتِ الحب/ وأبجديّة الجمال/..”.
هـنيـئاً لعبد اللطيف اللعبي بجائزةٍ تحمل اسمَ صـديقه الذي غـابَ عـنا قبلَ الأوان؛ محمود درويش رفيقه على دروب الشعر والحرية.
زكريا محمد:
منذ القصائد الأولى التي نشرها زكريا محمد في الصحف العربية أواخر السبعينيات، لفت الانتباه إلى نبرةٍ شعريةٍ جديدةٍ مُتفردة بعيدة كل البعد عن الأصوات الكبرى السائدة في المشهد الشعري العربي آنذاك، بل يمكن القول إن زكريا محمد أصبح دفعةً واحدةً صوتاً شعرياً مُكرساً ومؤثراً في مُجايليه من الشعراء، حتى قبل أن ينشر مجموعته الأُولى “قصائد أخيرة” (1981)، فقد لاقت قصيدته “اعتذارية” على سبيل المثال، التي نشرها في جريدة “الشعب” الأردنية عام 1978، ترحيباً لافتاً في الصحافة الثقافية الأُردنية، وظلت موضع تداولٍ نقديٍّ أسابيع طويلة، وعدَّها كثيرون إعلاناً عن حساسيةٍ شعريةٍ جديدةٍ تفترق عن السائد الحماسي، وتجعل الفرد في بؤرة الاشتغال الجمالي، وهو أمرٌ لا يزال يميز تجربة زكريا محمد برمتها، سواء في قصائد التفعيلة في مجموعاته الأُولى، أو نصوصه الشعريه النثرية؛ فالصوت الشعري الفردي يقف في مواجهة كونٍ واسعٍ بمجراته وفصوله وجماداته وكائناته الحيّة، وفي الوقت نفسه يظل شديد الانغراس في اليومي، وهو مزيجٌ يمارس دوماً تأثيراً ذهنياً ووجدانياً فريداَ وشديد الأسر على المتلقي.
إن العلاقة الحميمة بالتراث الكلاسيكي، وبالمعجم العربي القديم، من جهة، وقوة الاتصال بالموروث الشعبيّ، من جهةٍ أُخرى، ورهافة الانتباه إلى الحياة وكائناتها المختلفة، من جهةٍ ثالثة، أعطت قصائد زكريا محمد نبرةً خاصةً جعلها كأنها صوتٌ قادمٌ من عصر النبوات والمزامير والمراثي القديمة، فاللغة التي تبدو للوهلة الأُولى عاريةً من أيّ حمولةٍ بلاغية، ولا تسعى سوى إلى جلاء فكرتها الخاصة، تغدو من خلال قوة الخيال والانعطاف المفاجئ في الصورة الشعرية، ذات وقعٍ رسوليٍّ وقوةٍ مجازيةٍ خاصة، فهي لا تهتم بالصورة المفردة بقدر ما تركز على الصورة الكلية التي تتآزر فيها جميع عناصر النص من أوله إلى آخر كلمة فيه على إحداث الأثر الكليّ للفن، فنصوص زكريا تُعيد الاعتبار إلى المفردة الشعرية، سواء المتداول اليومي منها أو المعجمي الكلاسيكي، بوصفها وحدةً أُولى أساسية، يؤدي استخدامها غير المتوقع في النص إلى إنتاج رموزٍ جديدة، فترتفع مفرداتٌ يوميةٌ مثل الحجر والنملة والتراب والليل والنهار والنخلة والغراب والخريف والراعي والعصا وشجرة الجرنكا وأريحا وجبل الأربعين… إلخ، إلى مستوى النماذج البدئية العليا، فيشعر المتلقي كأنه يستمع إلى صوت أول إنسانٍ يترك أثر خطواته الأُولى على الأرض في زمن البشر السحيق، ما يمنح نصوصه بعداً أنطولوجياً وجودياً فريداً، يقع سؤال الموت والحياة في بؤرته الأساسية، ويمثل استعارته الكبرى.
بالإضافة إلى كل ما سبق، مثلما تمثَّل في ثماني مجموعات شعرية نشرها زكريا محمد حتى الآن، وجعلته واحداً من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، ومن الذين وصلوا بالنص الشعري، عموماً، وقصيدة النثر، على وجه الخصوص، إلى آفاق جديدة غير مسبوقة، فإن زكريا محمد أيضاً أديبٌ شاملٌ متعدد الاهتمامات؛ فهو روائيٌّ نشر روايتين هما “العين العمياء” و”عصا الراعي”، ومؤلف قصص أطفال مدهشة تكسر السائد وتعيد قراءة الموروث الشعبي من زاوية جديدة خلاقة، وكاتب مقالات فريدة، وباحث في اللغة والتراث والأسطورة، ورسامٌ ونحات، وشخصٌ شديد الانهماك في الشأن العام وبالغ الشجاعة في التعبير عن رأيه وموقفه، مثلما هو بالغ الشجاعة، في الوقت عينه، في إعادة النظر في رأيه الخاص نفسه إذا بدا له وجهٌ آخرُ جديدٌ من الحقيقة. لكل ذلك فإن لجنة محمود درويش ترى في منحه جائزة محمود درويش استحقاقاً مسوّغاً في ذاته.
شوقي بزيع:
تقدم تجربة شوقي بزيع نموذجاً إبداعياً يتمتع بالفرادة والعمق، يتواءم فيها البناء الغنائي المحكم المعتمد على بنيةٍ إيقاعيةٍ صافية، والتركيب الحداثي للصورة والمشهديات المنفتحة على قضايا الراهن المَعيش.
وهو ما منح تجربته القدرة على الحضور والنفاذ والتأثير عبر المزج بين أنماطٍ موسيقيةٍ يختزنها الموروث الشعري العربي، وبين لغةٍ معاصرةٍ متمكنةٍ توظف السرد وتُحرر طاقته الشعرية الكامنة.
بوعيٍ معرفيٍّ يوظف شوقي بزيع الثراء العميق والتنوع الدلالي الذي يمنحه تراث القصيدة العربية وموروثها الغني، والذهاب بهذه الحمولات نحو وقائع العصر وتفاصيل الراهن.
كما تغتني تجربة بزيع بالقدرة على المواكبة النقدية الرصينة لراهن الشعر العربي وتجاربه المعاصرة، من خلال قراءاتٍ تتبع المشهد بأدوات ناقدٍ مُتمكّن.
الانسجام الواعي بين التجربة الإبداعية بامتداداتها المعرفية وتنوعها الجمالي المرتبط بوعيٍ عميقٍ بِقيم الحياةِ وقضايا الحرية والعدالة، هو ما تُعبّر عنه المواقف الشجاعة التي عكستها مسيرة الشاعر ومُنجزه الإبداعي، وانحيازه الشجاع إلى هموم شعبه في لبنان وتطلعاته في مواجهة الفساد وثقافة الطوائف والمحاصصة، وهو امتدادٌ لمسيرته الطويلة، وشراكته والتزامه العميق بقضية الشعب الفلسطيني، الذي برز في مختلف محطاته النضالية كقيمةٍ وطنيةٍ وإنسانيةٍ وأخلاقية.
وفي هذا الوقت بالذات، وفي ظل التحديات المتنامية التي يواجهها لبنان، شعباً وقوى حيّةً طالما كانت في مقدمة المدافعين عن الحرية والحياة، خصوصاً القضية الفلسطينية، التي تمر أيضاً بمرحلةٍ من أصعب المراحل، يشرفنا في المجلس التنفيذي لمؤسسة محمود درويش أن نمنح جائزة الشرف الخاصة للشاعر شوقي بزيع، لمكانته الرفيعة شاعراً مبدعاً ملتزماً، تقديراً لدوره في مناصرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في كفاحه العادل من أجل حقوقه المشروعة.