قدّم مجموعة من الشباب الفلسطيني من الوطن والشتات رؤى شبابية حول الهوية الوطنية والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والتواصل بين الشباب الفلسطيني، إضافة إلى عرض مجموعة من المبادرات وأوراق الحقائق حول عدد من القضايا، كالاعتقال السياسي، وتمثيل الشباب في الهيئات القيادية للأحزاب، والانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسيرات، والآثار البيئية لمكبات النفايات الصلبة العشوائية شمال قطاع غزة، فضلًا عن تقديم تعقيب من ذوي الاختصاص حول تلك القضايا.
وأوصى الشباب بمواصلة الحوار وتعزيز التشبيك بين الشباب الفلسطيني في مختلف التجمعات، والعمل على مبادرات وقضايا مشتركة، بما يعزز العمل الجماعي وروح الانتماء الوطني، وتنظيم ندوات ومؤتمرات وبرامج تثقيفية تعزز التواصل والهوية الفلسطينية، إضافة إلى المطالبة بإطلاق مبادرة لرفض الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومبادرة أخرى لخفض سن الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية لإتاحة المجال للشباب لترشيح أنفسهم.
جاء ذلك خلال أعمال مؤتمر “رؤى شبابية فلسطينية 2019″، الذي نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات، بالتعاون مع كل من: مؤسسة “آكشن إيد” – فلسطين، ومركز المعلومات البديلة – بيت لحم، والمركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي – حملة، ضمن برنامج الشراكة “تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية للشباب الفلسطيني”، وسط مشاركة 30 متحدثًا، غالبيتهم من الشباب، وحضور حوالي 600 شاب وشابة، إضافة إلى عدد من السياسيين والأكاديميين وممثلين عن العديد من مؤسسات المجتمع المدني، من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48 ومخيمات لبنان عبر تقنيتي “فيديو كونفرنس” و”سكايب”.
الافتتاح
افتتح هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، المؤتمر، مرحبًا بالحضور، ومثمنًا الشراكة مع مؤسسة “آكشن إيد” ومركز حملة ومركز المعلومات البديلة، ومشيرًا إلى أن هذا المؤتمر يكتسب أهمية كونه يحمل رؤى شبابية، فالشباب مصدر الحيوية والطاقة والإبداع والتغيير، ومن دون تغيير لا تتقدم الأمم.
وأضاف أن الشباب والمرأة يمثلون قطاعًا واسعًا، ويجب أن يكون تمثيلهم على مختلف المستويات وفق حجمهم والآمال المعلقة عليهم، لا سيما أن الشباب لم يأخذوا دورهم الذي يستحقونه، داعيًا إلى تخفيض سن الترشح المحدد بـ 28 سنة لانتخابات المجلس التشريعي، بحيث يستطيع كل من ينتخب أن يرشح نفسه للانتخابات.
من جانبه، أشاد إبراهيم ابريغيث، مدير مؤسسة “آكشن إيد” – فلسطين، بالشركاء ضمن برنامج تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية، موضحًا أن هذا البرنامج يسعى إلى إيجاد مساحات للشباب لاكتساب المهارات والمعارف وتحويلها إلى واقع عملياتي، من خلال تنفيذ المبادرات وإحياء العمل التطوعي ومساءلة صناع القرار، إلى جانب أخذ الشباب دورهم في صناعة القرار، وبناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم. وأضاف أن هذا البرنامج بدأ قبل عامين وسيستمر لعامين آخرين، وقد استفاد منه حتى الآن 2500 شاب وشابة من مختلف التجمعات الفلسطينية.
الجلسة الأولى: برنامج تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية للشباب الفلسطيني
تمحورت الجلسة الأولى التي أدارها كل من سلطان ياسين، عضو مجلس أمناء مركز مسارات، وعماد أبو رحمة، المستشار في مركز مسارات، حول برنامج تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية. وتحدث فيها ممثلو الشركاء عن رحلة البرنامج، وهم: أماني مصطفى، مدير البرامج في مؤسسة “آكشن إيد”، وخليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، وعايد حوشية، منسق البرنامج في مركز المعلومات البديلة، ونديم الناشف، مدير مركز حملة، إضافة إلى آراء ثلاثة شباب ممن شاركوا في البرنامج، وهم: إيمان شربجي (الضفة الغربية)، حنين شعث (قطاع غزة)، جاد خليل (بيروت).
وقال ياسين إن تنفيذ مركز مسارات لبرنامج “تعزيز المشاركة المدنية والديمقراطية للشباب الفلسطيني” للعام 2019، قد تضمن تدريب حوالي مائة شاب/ة فلسطيني من التجمعات المختلفة ببرنامج معرفي مهاراتي، نتج عنه إنجاز مجموعات المشاركين 30 ورقة تقدير موقف وحقائق تناولت مواضيع وطنية واجتماعية وسياسية مختلفة، وتطوير وتنفيذ 9 مبادرات شبابية في مواضيع مختارة، إضافة إلى تنفيذ مخيمين معرفيين شبابيين شارك فيهما حوالي 170 شابًا.
وأشارت مصطفى إلى أن هذا البرنامج عالمي، وينفذ في 7 دول في آسيا وأفريقيا وأوروبا، إضافة إلى فلسطين، ويهدف إلى تكاتف الشباب حول العالم من أجل إسماع صوتهم، إذ إن البرنامج جمع الشباب الفلسطيني من مختلف التجمعات، وجَمَعَ كذلك الشباب الفلسطيني بشباب من أوروبا وأفريقيا، إضافة إلى زيادة وعي الشباب عبر تزويدهم بمهارات ومعارف، وزيادة عددهم في الهيئات التمثيلية كونهم يستحقون التمثيل. وأوضحت أن هذا البرنامج وفّر ما يقارب 120 فرصة تدريبية مدفوعة الأجر للشباب/ات من خلال التعاون مع الهيئات المحلية في محافظتي الخليل وبيت لحم؛ بهدف رأب الفجوة بين الشباب وصناع القرار، بحيث تصبح لديهم الفرصة لوضع أولوياتهم ومطالبهم على جدول أعمال البلديات، وبالتالي المساهمة في صنع القرار.
بدوره، أشار شاهين إلى تعزيز هذا البرنامج لدور الشباب في المبادرة والتغيير وإلى التشبيك والتواصل ما بين المبادرين، فهناك عدد كبير من المبادرات الفردية خارج المنظومة التقليدية المتمثلة في منظمة التحرير والسلطة والأحزاب، لكنها مبعثرة رغم كثرتها. وأوضح أن المخيم المعرفي حول التواصل والتحديات الذي نظمه مركز مسارات مؤخرًا ضمن البرنامج، خَرَجَ بخطوات عملية للتصدي للمخاطر والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، منوهًا إلى أن مركز مسارات يولي أهمية للشباب في مختلف برامجه، حيث شارك في مؤتمره السنوي الثامن 18 شابًا كمعدي أوراق ومتحدثين.
من جانبه، أوضح حوشية أن الشباب ضمن هذا البرنامج بات الآن، بعد سلسلة من التدريب وورش العمل، أكثر وعيًا وقدرة على التخطيط وتنفيذ المبادرات، مشيرًا إلى أن طموح المؤسسات أن يكون هناك شباب ريادي قادر على التأثير. وتساءل عن مدى توفر الإيمان والقناعة لدى المجتمع والمؤسسات باستمرار الاستثمار في الشباب الذي يمثلون الروافع لبناء مجتمع عصري في ظل انقطاع التمويل، داعيًا إلى دعم الشباب ومبادراتهم لإحداث التأثير المطلوب مجتمعيًا.
وأشار الناشف إلى أن مركز حملة يهتم بالحقوق الرقمية، وحقوق الإنسان في البيئة الافتراضية (مواقع التواصل الاجتماعي)، موضحًا أن اليوم يوجد تهديد يتعلق بسن حكومة الاحتلال لتشريعات لضبط استخدام الإنترنت ومحاربة المحتوى الفلسطيني، وملاحقة النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال استخدام مجموعة من الخوارزميات، إضافة إلى تواطؤ شركات التواصل الاجتماعي مع حكومة الاحتلال، فضلًا عن تضييق السلطتين في الضفة والقطاع على حرية التعبير عن الرأي. وأضاف أن ثلثي الشباب الفلسطيني، وفق دراسة أعدها المركز خلال العام 2018، لا يكتب منشورات ذات محتوى سياسي.
وأشاد المتحدثون الشباب بالبرنامج، وبدوره في تعزيز التواصل بين الشباب الفلسطيني في مختلف التجمعات، إذ أشارت حنين شعث إلى أهمية البرنامج في صقل شخصية الشباب وتزويدهم بالمعارف والمهارات والوعي بالقضية الوطنية، رغم وجود الجواجز، والاعتماد في التواصل على الوسائل التقنية، داعية إلى عقد مخيمات ولقاءات يتواجد فيها الشباب في مكان واحد، وألا يقتصر عمل الشباب في الداخل، بل العمل على التواصل مع الشباب في الدول المختلفة.
من جهته، دعا جاد خليل مركز مسارات إلى زيادة الاهتمام بدور الشباب الفلسطيني في المخيمات، وخاصة في لبنان، منوها إلى أن المركز يتحلى بالتميز والنوعية والمصداقية، وبات يشكل مرجعية لنا كشباب. وأعرب عن شكره للمركز والشركاء على ما قدمهه للشباب من معارف ومعارف تساهم في تعزيز المشاركة الديمقراطية للشباب الفلسطيني في التجمعات المختلفة.
أما إيمان شربجي، فأعربت عن أملها بأن يكون هذا البرنامح انطلاقة للعمل التشاركي، لا سيما أنّ هناك فئة كبيرة من المجتمع تنأى بنفسها عن أي حدث أو عمل شبابي أو وطني بحجة أن حزبًا معينًا هو المتصرف، داعية إلى وضع وثيقة وطنية لجميع الأطر والتجمعات الشبابية تكون كفيلة بصنع وإحداث تحرك حقيقي يلبي متطلبات معالجة جرح الوطن النازف منذ عقود، لأن الوطن ملك للجميع والحفاظ على ترابه مسؤولية وطنية.
الجلسة الثانية: الشباب .. باحثون مبادرون
عُرضت في هذه الجلسة، التي أدارها كل من علاء سروجي وهالة أبو عبدو، أربع أوراق حقائق حول قضايا مختلفة، إضافة إلى عرض فيديوهات للمبادرات التي تم تصميمها وتنفيذها بناء على أوراق الحقائق، وتلاها تعقيب من ذوي الاختصاص.
ناقشت الورقة الأولى، التي عرضها كل من غفران زامل ومعتز عبد العاطي، الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسيرات الفلسطينيات، وأشارت إلى تعرض الأسيرات للتعذيب الجسدي والنفسي القاسي أثناء التحقيق، وإلى معاناتهن من الإهمال الطبي ونقص الغذاء، ومعاملتهن بطريقة غير إنسانية، بما يشمل ذلك: التفتيش العاري، والتحرش الجنسي، والشتم، والعقاب الجسدي والمعنوي، إضافة إلى الحرمان من الزيارات العائلية، وتشغيل كاميرات المراقبة في الساحات.
وتناولت الورقة الثانية، التي عرضها أنس بركة، تمثيل الشباب في الهيئات القيادية للأحزاب، وأظهرت أَثّر تباعد فترات انعقاد المؤتمرات وعدم انتظامها سلباً على عملية تجديد الهيئات القيادية للأحزاب، وأوضحت تأثر الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب الفلسطينية بظروف نشأتها، إلى جانب تراجعَ اهتمام الأحزاب بالأطر الشبابية والطلابية بعد قيام السلطة؛ نتيجة لانتقال التركيز من المواجهة الميدانية مع الاحتلال إلى العمل الرسمي والعلني.
أما الورقة الثالثة، فتناولت الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقدمها كل من بشار سلوت وسحر شعراوي. وأشارت إلى أن العام 2019 شهد ارتفاعًا في وتيرة الاعتقالات، إذ بلغ أعداد المعتقلين حتى أيلول/سبتمبر (437)، موزعة إلى (213) حالة في الضفة و(224) في القطاع. وأوضحت أنه في الغالب يحال المعتقلون السياسيون إلى محاكم عسكرية، ما يشكل مخالفة واضحة للقانون الأساسي الفلسطيني وللمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وتطرقت الورقة الأخيرة، التي عرضها كل من محمد عوض وخديجة مطر، إلى الآثار البيئية لمكبات النفايات الصلبة العشوائية شمال قطاع غزة، وحذرت من خطر هذه النفابات على على التربة وخزان المياه الجوفية، ومن انبعاث الغازات السامة من المكبات، وانتشار القوارض المسببة للأمراض، وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان في التجمعات المحيطة بالمكبات، بسبب حرق النفايات.
وتلا عرض الأوراق والمبادرات تعقيب من ذوي الاختصاص، وهم: عرين بدوان، مسؤولة ملف الأسيرات في هيئة شؤون الأسرى والمحررين؛ ومحمد المدهون، وزير الشباب والرياضة السابق؛ وكايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية؛ وصالح ناصر، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، ورتيبة النتشة، عضو المكتب السياسي لحزب فدا؛ وخليل عساف وعصام أبو دقة، عضوي لجنة الحريات، إضافة إلى وحيد البرش، مدير مجلس النفايات الصلبة في شمال قطاع غزة.
فمن جهتها، تطرقت بدوان إلى الأوضاع المأساوية التي تتعرض لها الأسيرات البالغ عددهن 41 أسيرة، منذ لحظة اعتقالهن، مرورًا بالتحقيق والمحاكمة، وانتهاء بأوضاع السجن الصعبة، إذ يفتقر إلى أدنى مستلزمات الحياة الأساسية، ولا يحترم خصوصية النساء، ولا توفير احتياجاتهن. وأشارت إلى الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسيرات الجريحات، والمماطلة في تشخيص وضعهن الصحي وعلاجهن، موضحة أن هناك عددًا من الأسيرات يعاني من كسور وحروق تطورت داخل السجن إلى التهابات نتيجة عدم تقديم العلاج.
أما المدهون، فطالب بالالتقاء على قضايا رئيسية تمثل الهم الوطني، وعلى رأسها قضية الأسرى، وخاصة الأسيرات. ودعا إلى معالجة الأسباب الحقيقية التي حالت دون مشاركة الشباب، والعمل على إتاحة المجال لهم للمشاركة في الحياة السياسية بمختلف مكوناتها. وأعرب عن رفضه للاعتقال السياسي، واستغلال احتياجات الناس، وخاصة الموظفين، مطالبًا بالاتفاق على مشروع وطني واحد يعلو فيه الوطني على أي شيء سواه، مع تركيز الجهود على مواجهة الاحتلال.
بدوره، دعا الغول إلى إعادة صوغ اللوائح الداخلية للأحزاب والمؤؤسات الوطنية لكي يأخذ الشباب دوره ومكانته التي يستحقها، مطالبًا في ذات الوقت الشباب ببذل الجهود للوصول إلى هذه المواقع في الهيئات التمثيلية. أما بخصوص الاعتقال السياسي، فقال إن ما يجري جريمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فلا يصح أن يعتقل مناضل لأنه قاوم الاحتلال، أو لأنه عبر عن رأي معارض لهذه السلطة أو تلك، أو لأنه يدافع عن قضايا مجتمعية.
وطالب ناصر بتدويل قضية الأسرى لخلق رأي عالمي ضاغط على المؤسسات الدولية للضغط على إسرائيل، وتقديم شكاوى ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى، داعيًا إلى الاهتمام بالأسرى وعوائلهم وعدم الاقتراب من مخصصاتهم. واستنكر الاعتقال السياسي معتبرًا إياه جريمة بحق المواطن كونه مخالف للقانون الأساسي، ومشيرًا إلى أن حق التعبير يكفله القانون، لكن الصراع على السلطة يدفع الحزب إلى تغيير أولوياته من أجل الحفاظ على سلطته، وهذا الأمر مرفوض.
من جهتها، أوضحت النتشة أن عدم انتظام انعقاد المؤتمرات الحزبية ساهم في ترسيخ عدد من التقاليد السلبية التي عززت المركزية بدلًا من الديمقراطية، مشيرة إلى أن عناصر التغيير موجود في المجتمع، لكن سرعة التغير الموجود لا يتناسب مع سرعة التكيف من هذا التغيير، الأمر الذي أدى بالشباب إلى الاستياء من البنى التقليدية للأحزاب. وطالبت مؤسسات المجتمع المدني بتهيئة القيادات القيادات الشابة عبر إكسابهم المعارف والمهارات، وتشجيعهم للانخراط في الحياة السياسية لإحداث التغيير.
وفي سياق تعقيبه على الاعتقال السياسي، قال عساف إن أعداد حالات الاعتقال السياسي أكثر بكثير مما ورد في الورقة، موضحًا إلى أن الاعتداء يأخذ أشكالًا أخرى غير الاعتقال، مثل المسح الأمني، ومنع الحصول على جواز السفر، والحرمان من التوظيف، إلى جانب حرمان الطلاب من إكمال تعليمهم نتيجة الاعتقالات المستمرة، داعيًا إلى وقف هذه الظاهرة في الضفة والقطاع، فنحن بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى في ظل ما نعانيه من الاحتلال.
واتفق أبو دقة مع عساف في أن الأعداد أكثر بكثير، وطالب بضرورة إنهاء هذا الملف، موضحًا أن لجنة الحريات بذلت جهودًا كبيرة في هذا السياق. ومن جانب آخر، أكد أن علينا جميعًا واجبات تجاه الأسرى وذويهم، فيجب الوقوف إلى جانبهم، ومناصرتهم في قضاياهم التي يخوضونها داخل السجن، ومحذرًا من خطورة قطع رواتب الأسرى.
أما بخصوص ورقة الحقائق المتعلقة بالنفايات الصلبة، فأوضح البرش أن الورقة شكلت سندًا لمجلس النفابات الصلبة لتخفيف الأزمة وإيجاد حلول لها، مشيرًا إلى أن المانحين لم يبذلوا جهودًا من أجل إنجاح منظومة النفايات الصلبة في شمال القطاع، وأن هذا التجمع يحتاج إلى محطة ترحيل و10 شاحنات نقل. وأضاف أن العام 2020 سيكون على موعد مع حل المشكلة بالتعاون مع المانحين الدوليين.
الجلسة الثالثة: رؤى شبابية
عرضت في هذه الجلسة، التي أدارها كل من أنوار عبدو وأحمد أبو سمرة، ورقتان هما مخرجات المخيم المعرفي الذي عقد في نهاية تشرين الثاني 2019، وعرض الورقة الأولى، التي تتناول الهوية الوطنية: عوامل التشظي وسبل المواجهة، محمد حطّاب، بينما عرضت بيسان الجعفري الورقة الثانية، التي تناولت التحديات التي تواجه التجمعات الفلسطينية وسبل مواجهتها.
تناولت الورقة الأولى مظاهر التشظي المتمثلة في غياب المشروع الوطني الواحد، وغياب المؤسسات التمثيلية الجامعة، وتكريس تجزئة الفلسطينيين في تجمعاتهم المختلفة، بناء على أولويات وأجندات متباينة، إضافة إلى استمرار الانقسام الفلسطيني، وغياب الاهتمام بتوفير قنوات للتواصل بين كافة مكونات الشعب الفلسطيني، والزيادة الحادة في أعداد الشباب الراغبين في الهجرة عن الوطن.
وأوصت الورقة بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، ومراجعة العلاقة بين المنظمة والسلطة، وإعادة بناء الاتحادات الشعبية المحيطة بالمنظمة، والتوافق على خطة نضالية مشتركة، ووضع خطة وطنية لتعزيز التواصل بين الشباب الفلسطيني في كافة التجمعات.
أما ورقة التحديات، فرأت أن الرد الإستراتيجي على المخاطر التي تهدد الهوية الوطنية في ظل حالة التجزئة والتشظي، والتهديدات المتعاظمة للقضية والحقوق الوطنية، يتمثل في توحيد الطاقات من أجل استنهاض الحالة الفلسطينية كهدف جامع، وتوفير متطلبات تفعيل دور الشباب في الوطن والشتات في إطار منظم للعمل السياسي الفلسطيني يسهم في توحيد دور الشباب، وتوسيع مساحات تواصلهم وعملهم المشترك في مواجهة العقبات التي تحد من مشاركتهم السياسية والنهوض بدورهم في مواجهة التحديات الشبابية والوطنية.
وحددت الورقة سبعة تحديات تشكل محاور خطة للإجابة عن سؤال ما العمل من أجل استنهاض الحالة الفلسطينية، بحيث يلعب الشباب دورًا رئيسيًا في سياق هذه العملية، وهي: إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير والتمثيل الفلسطيني؛ بناء جسم سياسي يكون بمنزلة تيار وطني ضاغط على طرفي الانقسام؛ تبني وثيقة سياسية موحدة للفلسطينيين؛ إصلاح النظام السياسي الفلسطيني؛ مواجهة “صفقة القرن” وإحباط حلقاتها قيد التنفيذ؛ إنهاء الفصل بين الضفة والقطاع؛ تعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار.
الجلسة الرابعة: التواصل بين الشباب الفلسطيني .. الضرورة والآليات
تحدّث في هذه الجلسة، التي أدارها كل من عيد جلال وسارة سلامة، كل من إسلام نصر (الضفة الغربية)، حسن جمال (قطاع غزة)، وغادة الضاهر (لبنان)، وجمان مزّاوي (أراضي 48).
تناول نصر المشكلات والتحديات التي تواجه الشباب الفلسطيني وتحدّ من عملية التواصل. ودعا إلى تكوين مجموعة شبابية واسعة تضم شبابًا من مختلف التجمعات تشكل نواة لشبكة شبابية تعمل على التواصل بين الشباب باستمرار، وإلى البحث عن نقاط مشتركة بين الشباب، وعقد لقاءات مستمرة تناقش خلالها القضايا المختلفة، وإلى إشراك المنظمات والأندية والمؤسسات الشبابية بالشبكة.
ودعت الضاهر إلى تنظيم ورشة مشتركة في الضفة والقطاع و48 والشتات حول الحقوق السياسية والمدنية للشباب الفلسطيني، وتعزيز الجانب الوطني لدى الشباب من خلال عقد ندوات وبرامج تثقيفية، إلى جانب انخراطهم في التدريبات التي تقدمها المؤسسات، مؤكدة أهمية تنظيم فعاليات داعمة لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
أما جمال، فأكد أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحراكات وحملات المناصرة للقضايا الوطنية المشتركة أو الخاصة، مثل حراك الضمان الاجتماعي و”بدنا نعيش” و”طالعات” وقرار وزير العمل اللبناني بخصوص العمل للاجئين الفلسطينيين، مبينًا دور وسائل التواصل الاجتماعي في تحقيق التضامن والتعاضد، ومشيرًا إلى أن من معيقات التوصل بين الشباب انتشار فكرة الخلاص الفردي.
من جانبها، أشارت مزاوي إلى سياسة الاحتلال القائمة على الحرب النفسية، بما يحد من التواصل بين الشباب الفلسطيني، إضافة إلى ملاحقته لمن يشاركون في ندوات خارج الوطن، أو لمن ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات يعدها ذات طابع “تحريضي”. وأشارت إلى أن هناك العديد من الحركات التي أظهرت القدرة على تخطي المعيقات، مثل “ارفض شعبك بحميك”، وأزمة مخيمات لبنان، ومسيرات العودة .. إلخ.
واختتم المؤتمر أعماله بتقديم توصيات من المشاركين في قاعتي جمعية الهلال الأحمر بالبيرة وفندق المتحف في غزة ومخيم مار الياس في بيروت، وركزت على تعزيز التواصل والتشبيك ما بين الشباب الفلسطيني في مختلف التجمعات، وإلى زيادة الوعي بالهوية الوطنية، وتنظيم ندوات ومبادرات ومؤتمرات وبرامج تثقيفية تعزز التواصل بين الشباب في جميع اماكن تواجد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى المطالبة بإطلاق مبادرة لرفض الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومبادرة أخرى لخفض سن الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية.