المغامرة بالجديد.. المقامرة بالقديم!
كتبت بثينة حمدان: قد لا يختلف أحد على استحقاق الانتخابات، كمطلب ديمقراطي شعبي وقيادي، لاسيما بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على الانتخابات التشريعية والرئاسية، لكننا نختلف على التفاصيل التي تتداخل فيها حكاية الانتخابات، حكاية لها نهاية واحدة اذا ما انعقدت وهي إما الفوز أو الخسارة. الحكاية تبدأ في كيف يكون هذا الفوز أو تلك الخسارة؟ ماذا صنعنا؟ وماذا سنجني؟
وكما هو معروف تدخل الأحزاب السياسية هذا الاستحقاق، بكل ما تملك من عناصر بشرية وآخرى مادية، ولعل اعتماد الاستراتيجية هو ما ينقصنا دوماً، نفتقر إلى الرؤيا، نغلب الأشخاص والأسماء على الأهداف والسياسة والنتائج، في حين أن الوطن والعدالة هي التي يجب أن تغلب على نهجنا في خوض الانتخابات وفي آدائنا السياسي عموماً.
بتنا نعرف نقاط الضعف التي تعتري فصائلنا الوطنية، ونقاط القوة أيضاً، ونعرف ماذا يريد الشعب، ماذا يريد الشباب، لكننا نتجه في النهاية إلى ماذا يريد القادة؟ في أنانية مفرطة تقودهم ليغلبوا تاريخهم الوطني الكبير والمحترم على حساب المرحلة، واحتياجاتنا الوطنية، واحتياجات الشعب، وكثيراً ما نخسر، تحت تبرير أن هذه القيادة هي فقط من يستطيع حماية مشروعنا الوطني، وأن حركة فتح هي الدرع الحامي والثابت والوحيد لهذا المشروع، وأن فلان بدونه لا يمكن قيادة هذا الحزب أو ذاك. وتقع في كل هذه المحظورات والقوالب الصامتة كل الأحزب الفلسطينية، وربما أقلها حركة حماس والتي تتميز بحنكة ووحدة أكثر في صفها الداخلي رغم كل المطبات التي وقعت فيها لاسيما في إدارتها لقطاع غزة وفي سياستها القمعية اجمالاً.
المرحلة القادمة لن تكون مرحلة الاعتماد على التاريخ والماضي والثورة التي كانت والأسماء الكبيرة التي تكلل هذا التاريخ، لن يكون الفوز حليف الحزب الذي يعيد طرح الأسماء ذاتها في قوائمه الانتخابية، لن يكون حليف من يكرر حتى أسماء النساء القياديات ذاتها، ولا حليف من يبعد مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية ومنها المستقلة عن الواجهة السياسية، لاسيما وأن نسبة كبيرة من المجتمع الفلسطينية تفوق ال35% ليس لها رأي في انتخاب أي من الأحزاب و10% لا ترغب بالمشاركة في هذا الاستحقاق، وهذا يعني أن 45% يمكن استقطابهم بشكل ما… حتما سيكون الفوز لمن يؤمن بالتغيير والتجديد فقط ومن يمتلك قوة التعبئة والتنظيم والضبط لعناصره، ولمن يعطي للوجوه الجديدة وللشباب والشابات دورهم، ومنحهم هذا الدور يعني بالضرورة الثقة والايمان الحقيقي بهم، والتأسيس للقادم عبر جيلين معاً.
أما إذا أصرت قيادات الأحزاب على نهجها التقليدي والمعروف فلتكن الحرب بين جيلين، وقد يعلن الشباب ثورتهم عبر طريقين: إما إعلان رفضهم خلال تحضيرات أحزابهم للانتخابات بل والتشويش، أو عبر صوتهم الانتخابي الذي لا يملكه أحد غيرهم!!