الاقتصاد الفلسطيني مريض والعلاج بالكي
بعد قراءة لعدة دراسات متخصصة ومراجعة مجموعة أخبار مؤسسات اقتصادية، وبعد جولة في الشارع تلتقي فيها مواطنين مختلفي المهن ومصادر الدخل، تستطيع ان تكون تصورا عن واقع الاقتصاد الفلسطيني، وربما يمكنك أن تصبح محللا او خبيرا اقتصاديا اذا اردت التعمق في البحث ومتابعة هذا الشأن.
في الشارع ستسمع المشتكين من تدهور الوضع الاقتصادي، والمشكلات التي يخلفها الاحتلال جراء سياساته المتحكمة والضاغطة على الاقتصاد الفلسطيني، وصولا الى عدم ملائمة القوانين والانظمة، وعدم القدرة على مراقبة السوق وادارته بالشكل المطلوب، وقد تسمع عن فساد هنا وسوء ادارة هناك، واحتكار في قطاع معين، ونموذج اقتصادي في مكان اخر، خسائر فادحة في قطاعات أساسية، وتقارير مالية للربع الاول لشركات كبرى وقابضة تفصح فيها عن ارباح بالملايين.
هنا تقف امام سؤال لماذا هذه الشكاوى ومن اين كل هذه الارباح؟ سؤال يطرحه الكثيرون، ويحاولون البحث عن اجابة.
ان كل ما تسمعه وتقرأه وتشاهده يحدث بالفعل في السوق الفلسطيني، ولن تجد خبيرا اقتصاديا الا يحمل الاحتلال المسؤولية الاولى كونه المتحكم بمنافذ ومداخل التجارة والاستيراد والتسويق والتصنيع، وحتى المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية يشكون من هذا التحكم، ومن جور الاتفاقات الاقتصادية التي تمكن الاحتلال من مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني على مدار سنوات طوال.
عشرات ورش العمل والمؤتمرات والابحاث درست هذا الواقع، وخبراء ومسؤولين قدموا توصيات وافكار خلاقة للحد من تراجع الوضع الاقتصادي المستمر، ودعم صمود المزارع والتاجر والصانع، ولكن لا شيء يتحسن على أرض الواقع حتى اللحظة.
الاقتصاد الفلسطيني المريض الذي تم تشخيص حالته بشكل جيد، بات معروفا علاجه، ولم يحدد موعد لإجراء العملية اللازمة، ولم يصرف العلاج ايضا، وما زال المواطن المصاب والمتأثر بهذا المرض ينتظر الحل لينعكس على حالته وتتحسن اوضاعه، وحتى يأذن الله في ذلك ينصح المواطن بتقنين النفقات، وتطوير مصدر دخل ذاتي اضافي. هذا هو الحل على المدى القصير، اما الحل الحقيقي فهو بحاجة لإرادة وقرار صعب يتحمل الجميع مسؤوليته، لأن اخر العلاج الكي، والكي مؤلم جدا لكنه سيحل المشكلة.