المراقب لواقع المرأة الفلسطينية بواقعية، وبالاعتماد على مؤشرات حقيقية غير موجهة يستطيع ملامسة الانجازات المهمة التي تتحقق على الارض وهذا لا يعني ان ما تحقق كاف.
من اهم المؤشرات التي نقرأها هو نسبة النساء في المجتمع والتي تصل الى النصف وهو ما يؤكد اهمية دورها التنموي الحقيقي في المجتمع، ولا يستوي هذا الامر الا بتمكينها بشكل فعلي وليس شعاراتي، وهذا واجب مهم يبدأ من الاسرة مرورا بالمدرسة الى مختلف المؤسسات المهتمة والفاعلة.
مؤشر اخر يدلل على قابلية المجتمع الفلسطيني للتغيير والتطور هو انخفاض نسبة الزواج المبكر للبنات ما دون سن 18 عاما، وهو ما يمكن البناء عليه بالتوعية لخفض هذه النسبة اكثر، وربما لرفع سن الزواج لإعطاء البنات فرصة لتعليم عالي افضل فالبرغم من ان نسبة التعليم بين البنات تتحسن عاما بعد اخر الا ان هناك الكثير من البنات التي تتراجع عن تحصيلها العلمي الجامعي بسبب معطيات الزواج او الظروف الاقتصادية او الاجتماعية للحياة الجديدة بعد الزواج.
المرأة في العمل ما زالت تعاني من تمييز سلبي من حيث الافضلية والراتب ونوعية العمل ، الامر الذي يدعو الجهات المختصة لمراجعة مستفيضة وعمل الدراسات اللازمة لسن قوانين تشجع على تحسين فرص العمل للنساء من جهة، وتطوير اليات التمكين الاقتصادي بأشكال جديدة ومحفزة.
مشاركة المرأة المجتمعية الفاعلة في المجالات المتعددة أيضا بحاجة لدعم وتمكين ومراجعة القرارات ذات الصلة فليس من المنصف تهميش نصف المجتمع، والابقاء على تمثيله بما يسمى ب “الكوتا ” سواء في الاحزاب او النقابات او الهيئات المحلية وعلى المستوى السياسي، وما يوجد من نماذج نسوية قيادية ناجحة في هذه المكونات والاطر يدلل على قدره النساء على العطاء والقيادة اذا ما أتيحت الفرصة، وتوفر الدعم المعنوي والتمكين الحقيقي.
المسؤولية لا تقع فقط على عاتق وزارة شؤون المرأة والمؤسسات النسوية فقط بل هي مسؤولية مكونات المجتمع المختلفة، ولكن يجب ان تتطور اليات التغيير الهادفة لتحسين مكانة المرأة في المجتمع ويجب استهداف الرجل واشراكه في صياغة البرامج والقوانين، وتقديم ما هو مقنع باسلوب علمي ووقف الخطاب العدائي من البعض تجاه الرجل، فكما المرأة شريك حقيقي في التنمية فان الرجل شريك مهم في التغيير.